وما قد حدثنا ابن خزيمة قال ثنا حجاج قال ثنا حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان أنه قال في دجاجة وقعت في بير فماتت قال ينزح منها قدر أربعين دلوا أو خمسين ثم يتوضأ منها فهذا من روينا عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم قد جعلوا مياه الآبار نجسة بوقوع النجاسات فيها ولم يراعوا كثرتها ولا قلتها وراعوا دوامها وركودها وفرقوا بينها وبين ما يجري مما سواها فإلى هذه الآثار مع ما تقدمها مما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب أصحابنا في النجاسات التي تقع في الآبار ولم يجز لهم أن يخالفوها لأنه لم يرو عن أحد خلافها فإن قال قائل فأنتم قد جعلتم ماء البير نجسا بوقوع النجاسة فيها فكان ينبغي أن لا تطهر تلك البير أبدا لان حيطانها قد تشربت ذلك الماء النجس واستكن فيها فكان ينبغي أن تطم قيل له لم تر العادات جرت على هذا قد فعل عبد الله بن الزبير ما ذكرنا في زمزم بحضرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكروا ذلك عليه ولا أنكره من بعدهم ولا رأى أحد منهم طمها وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاناء الذي قد نجس من ولوغ الكلب فيه أن يغسل ولم يأمر بأن يكسر وقد شرب من الماء النجس فكما لم يؤمر بكسر ذلك الاناء فكذلك لا يؤمر بطم تلك البير.
فإن قال قائل فإنا قد رأينا الاناء يغسل فلم لا كانت البير كذلك قيل له إن البير لا يستطاع غسلها لان ما يغسل به يرجع فيها وليست كالإناء الذي يهراق منه ما يغسل به فلما كانت البير مما لا يستطاع غسلها وقد ثبت طهارتها في حال ما وكان كل من أوجب نجاستها بوقوع النجاسة فيها وقد أوجب طهارتها بنزحها وإن لم ينزح ما فيها من طين فلما كان بقاء طينها فيها لا يوجب نجاسة ما يطرأ فيها من الماء وإن كان يجري على ذلك الطين كان إذا ما بين حيطانها أحرى أن لا ينجس ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر لما طهرت حتى تغسل حيطانها ويخرج طينها ويحفر فلما أجمعوا أن نزح طينها وحفرها غير واجب كان غسل حيطانها أحرى أن لا يكون واجبا وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى باب سؤر الهر حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أنا عبد الله بن وهب أن مالكا حدثه عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت بن أبي قتادة أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءا فجاءت هرة فشربت منه فأصغى لها أبو قتادة الاناء حتى شربت قال كبشة فرآني أنظر إليه فقال أتعجبين يا ابنة أخي قالت قلت نعم قال فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال