فلما كان حديث عائشة فيه دليلا على أنهم قد كانوا تركوا الصلاة على الجنائز في المسجد بعد أن كانت تفعل فيه حتى ارتفع ذلك من فعلهم وذهبت معرفة ذلك من عامتهم فلم يكن ذلك عندها لكراهة حدثت ولكن كان ذلك عندها لان لهم أن يصلوا في المسجد على جنائزهم ولهم أن يصلوا عليها في غيره ولا يكون صلاتهم في غيره دليلا على كراهة الصلاة فيه كما لم تكن صلاتهم فيه دليلا على كراهة الصلاة في غيره فقالت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات سعد ما قالت لذلك وأنكر عليها ذلك الناس وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم وكان أبو هريرة رضي الله عنه قد علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم نسخ الصلاة عليهم في المسجد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سمعه منه في ذلك وأن ذلك الترك الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة على الجنائز في المسجد بعد أن كان يفعلها فيه ترك نسخ فذلك أولى من حديث عائشة لان حديث عائشة رضي الله عنها إخبار عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال الإباحة التي لم يتقدمها نهى وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه إخبار عن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قد تقدمته الإباحة فصار حديث أبي هريرة رضي الله عنه أولى من حديث عائشة رضي الله عنها لأنه ناسخ له وفي إنكار من أنكر ذلك على عائشة رضي الله عنها وهم يومئذ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على أنهم قد كانوا علموا في ذلك خلاف ما علمت ولولا ذلك لما أنكروا ذلك عليها وهذا الذي ذكرنا من النهى عن الصلاة على الجنازة في المسجد وكراهتها قول أبي حنيفة ومحمد وأبى يوسف رضي الله عنهم غير أن أصحاب الاملاء رووا عن أبي يوسف رضي الله عنه في ذلك أنه قال إذا كان مسجد قد أفرد للصلاة على الجنازة فلا بأس بأن يصلى على الجنائز فيه باب التكبير على الجنائز كم هو حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ح وحدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب قالا ثنا شعبة عن عمر بن مرة عن ابن أبي ليلة قال كان زيد بن أرقم يصلى على جنائزنا فيكبر أربعا فكبر يوما خمسا فسئل عن ذلك فقال أبو بكرة في حديثه فقال كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وقال بن مرزوق في حديثه فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها أو كبرها
(٤٩٣)