مسافر لا جمعة عليه دخل في الجمعة فقد صارت واجبة عليه لوجوبها على إمامه وصارت مجزئة عنه من الظهر لأنها صارت بدلا منها فكذلك العبد لما وجبت عليه الجمعة بدخوله فيها أجزأته من الظهر لأنها صارت بدلا منها فقد ثبت بما ذكرنا أن دخول الرجل في صلاة غيره قد يوجب عليه ما لم يكن واجبا عليه قبل دخوله فيها ولا يسقط عنه ما كان واجبا عليه قبل دخوله فثبت بذلك أن الصحيح الذي القيام في الصلاة واجب عليه إذا دخل مع من قد سقط عنه فرض القيام في صلاته لم يكن يسقط عنه بدخوله من القيام ما كان واجبا عليه قبل ذلك وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهم الله وكان محمد الحسن رحمه الله يقول لا يجوز لصحيح أن يأتم بمريض يصلى قاعدا وإن كان يركع ويسجد ويذهب إلى أن ما كان من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا في مرضه بالناس وهم قيام مخصوص لأنه قد فعل فيها ما لا يجوز لأحد بعده أن يفعله من أخذه في القراءة من حيث انتهى أبو بكر وخروج أبى بكر رضي الله عنه من الإمامة إلى أن صار مأموما في صلاة واحدة وهذا لا يجوز لأحد من بعده باتفاق المسلمين جميعا فدل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان خص في صلاته تلك بما منع منه غيره باب الرجل يصلى الفريضة خلف من يصلى تطوعا قال أبو جعفر روى عن جابر بن عبد الله أن معاذ بن جبل كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع فيصليها بقومه في بنى أسلمة وقد ذكرنا ذلك بإسناده في باب القراءة في صلاة المغرب فذهب قوم إلى أن الرجل يصلى النافلة ويأتم به من يصلى الفريضة واحتجوا بهذا الأثر وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا يجوز لرجل أن يصلى فريضة خلف من يصلى نافلة وقالوا ليس في حديث معاذ هذا أن ما كان يصليه بقومه كان نافلة له أو فريضة فقد يجوز أن يكون كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم نافلة ثم يأتي قومه فيصلى بهم فريضة فإن كان ذلك كذلك فلا حجة لكم في هذا الحديث ويحتمل أن يكون كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فريضة ثم يصلى بقومه تطوعا كما ذكرتم فلما كان هذا الحديث يحتمل المعنيين لم يكن أحدهما أولى من الآخر ولم يكن لأحد أن يصرفه إلى أحد المعنيين دون المعنى الآخر إلا بدلالة على ذلك
(٤٠٨)