يجده يختار خلاف ما اختاره صاحب المذهب كثيرا إذا كان ما يدل عليه قويا فالحق انه من المجتهدين المنتسبين الذين ينتسبون إلى امام معين من المجتهدين لكن لا يقلدونه لا في الفروع ولا في الأصول لكونهم منصفين بآلات الاجتهاد وإنما انتسبوا إليه لسلوكهم طريقة في الاجتهاد وان انحط عن ذلك فهو من المجتهدين في المذهب القادرين على استخراج الاحكام من القواعد التي قررها الامام ولا تنحط مرتبته عن هذه المرتبة ابدا على رغم أنف من جعله منحطا وما أحسن كلام المولى عبد العزيز المحدث الدهلوي في بستان المحدثين حيث قال ما معربه ان مختصر الطحاوي يدل على أنه كان مجتهدا ولم يكن مقلدا للمذهب الحنف تقليدا محضا فإنه اختار فيه أشياء تخالف مذهب أبي حنيفة لما لاح له من الأدلة القوية انتهى وبالجملة فهو في طبقة أبي يوسف ومحمد لا ينحط عن مرتبتهما على القول المسدود انتهى ما في التعليقات.
الفائدة الثالثة عشر في بعض ما يتعلق بسيرة الطحاوي رحمه الله تعالى قال ابن زولاق أراد أبو جعفر الطحاوي مقاسمة عمه في الربع الذي بينهما فحكم له القاضي بالقسمة وأرسل إليه بمال يستعين به في ذلك ووافق ذلك إملاكا في مجلس أحمد بن طولون فحضره أبو جعفر الطحاوي وقرا الكتاب وعقد النكاح فخرج خادم بصينية فيها مائة دينار وطيب فقال كم القاضي فقال القاضي كم أبي جعفر فألقاها في كمه ثم خرج إلى الشهود وكانوا عشرة بعشر صواني والقاضي يقول كم أبي جعفر ثم خرجت صينية أبي جعفر فانصرف أبو جعفر في ذلك اليوم بألف ومائتي دينار سوى الطيب قال ابن زولاق وحدثني عبد الله بن عثمان قال سمعت أبا جعفر الطحاوي يقول لأبي الجيش بن حمد بن طولون أمير مصر شهادة فحضر الشهود وكان كلما كتب شاهد شهادته قراها الأمير والقاضي وكان كل شاهد يكتب أشهدني الأمير أبو الجيش بن أحمد بن طولون مولى أمير المؤمنين قال أبو جعفر فلما شهدت انا كتبت اشهد على اقرار الأمير أبي الجيش بن أحمد بن طولون مولى أمير أطال الله بقائه وأدام عزه وعلوه بجميع ما في هذا الكتاب فلما قراه الأمير قال القاض من هذا قال هذا كاتبي فقال أبو من قال أبو جعفر فقال وأنت يا أبا جعفر فأطال الله بقاءك وأدام عزك قال فقمت بسبب ذلك محسودا من الجماعة قال ابن زولاق فلم يزل محمد بن عبدة وأصحابه (يسعون) فأغروا به نائب هارون بن أبي الجيش فاعتقل أبا جعفر الطحاوي بسبب اعتبار الأوقاف قال ابن زولاق وسمعت أبا الحسن علي بن أبي جعفر الطحاوي يقول سمعت أبي فذكر ما تقدم في الفائدة الثانية عشر من قول الطحاوي هل يقلد الا عصبي وقول القاضي أو غبي قال وكان الشهود ينفسون على أبي جعفر بالشهادة لئلا يجتمع له رياسة العلم وقبول الشهادة فلم يزل أبو عبيد في سنة ست وثلاثمائة حتى عدله بشهادة أبي القاسم مأمون ومحمد بن موسى سقلاب فضله وقدمه وكان أكثر الشهود في تلك السنة قد حجوا أو جاوروا بمكة فتم لأبي عبيد ما أراد من تعديله كذا في اللسان والحاوي - وقد ذكر ابن في وفيات الأعيان قصة تعديله عن القضاعي قال كان قد استكتب أبو عبيد الله محمد بن عبدة القاضي وكان صعلوكا فأغناه وكان أبو عبيد سمحا جوادا ثم عدله أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي عقيب القضية التي جرت لمنصور الفقيه مع أبي عبيد وذلك في سنة ست وثلاثمائة وكان الشهود يتعسفون عليه بالعدالة لئلا تجتمع له رياسة العلم وقبول الشهادة وكان جماعة من الشهود قد جاوروا بمكة في هذه السنة فاغتنم أبو عبيد غيبتهم وعدل أبا جعفر بشهادة أبي القاسم المأمون وأبي بكر السقلاب انتهى وقال في اللسان والحاوي عن ابن زولاق كان لأبي عبيد في كل عشية مجلس لواحد من الفضلاء يذاكره وقد قسم أيام الأسبوع عليهم منها عشية لأبي جعفر فقال له في بعض كلامه ما بلغه عن