فإذا كان ما تقدم منه هو الوضوء مما مست النار وفي ذلك لحوم الإبل وغيرها كان في تركه ذلك ترك الوضوء من لحوم الإبل فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار وأما من طريق النظر فإنا قد رأينا الإبل والغنم سواء في حل بيعهما وشرب لبنهما وطهارة لحومهما وأنه لا تفترق أحكامهما في شئ من ذلك فالنظر على ذلك أنهما في أكل لحومهما سواء فكما كان لا وضوء في أكل لحوم الغنم فكذلك لا وضوء في أكل لحوم الإبل وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى باب مس الفرج هل يجب فيه الوضوء أم لا حدثنا أبو بكرة قال ثنا الحسين بن مهدي قال ثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن الزهري عن عروة أنه تذاكر هو ومروان الوضوء من مس الفرج فقال مروان حدثتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالوضوء من مس الفرج فكان عروة لم يرفع بحديثها رأسا فأرسل مروان إليها شرطيا فرجع فأخبرهم أنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالوضوء من مس الفرج فذهب قوم إلى هذا الأثر وأوجبوا الوضوء من مس الفرج وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا وضوء فيه واحتجوا في ذلك على أهل المقالة الأولى فقالوا في حديثكم هذا أن عروة لم يرفع بحديث بسرة رأسا فإن كان ذلك لأنها عنده في حال من لا يؤخذ ذلك عنها ففي تضعيف من هو أقل من عروة بسرة ما يسقط به حديثها وقد تابعه على ذلك غيره حدثنا يونس قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني زيد عن ربيعة أنه قال لو وضعت يدي في دم أو حيضة ما نقض وضوئي فمس الذكر أيسر أم الدم أم الحيضة قال وكان ربيعة يقول لهم ويحكم مثل هذا يأخذ به أحد ونعمل بحديث بسرة والله لو أن بسرة شهدت على هذه النعل لما أجزت شهادتها إنما قوام الدين الصلاة وإنما قوام الصلاة الطهور فلم يكن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقيم هذا الدين إلا بسرة قال بن زيد على هذا أدركنا مشيختنا ما منهم واحد يرى في مس الذكر وضوءا وإن كان إنما ترك أن يرفع
(٧١)