فأخبر علي رضي الله عنه في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان قام مرة في بدء أمره على التشبه منه بأهل الكتاب وعلى الاقتداء بمن كان قبله من الأنبياء حتى أحدث الله تعالى له خلاف ذلك وهو القعود فثبت بذلك ما صرفنا إليه وجه حديث عبادة وقد حدثنا فهد قال ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني قال ثنا شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن زيد بن وهب قالت ذاكرنا القيام إلى الجنازة وعندنا علي رضي الله عنه فقال أبو مسعود رضي الله عنه قد كنا نقوم فقال علي رضي الله عنه ذلك وأنتم يهود فمعنى هذا أنهم كانوا يقومون على شريعتهم ثم نسخ ذلك بشريعة الاسلام فيه وقد ثبت بما وصفنا في هذا الباب أيضا نسخ ما رويناه في أوله من الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيام للجنازة بالآثار التي رويناها بعد ذلك وقد حدثنا يونس قال انا بن وهب قال حدثني أنس بن عياض عن أنيس بن أبي يحيى قال سمعت أبي يقول كان بن عمر رضي الله عنهما وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجلسون قبل أن توضع الجنازة فهذا بن عمر رضي الله عنه قد كان يفعل هذا وقد روى عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك فدل تركه لذلك إلى ما كان يفعل على ثبوت نسخ فأحدثه عامر بن ربيعة حدثنا يونس أيضا قال أنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث ان عبد الرحمن بن القاسم حدثه أن القاسم كان يجلس قبل أن توضع الجنازة ولا يقوم لها ويخبر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان أهل الجاهلية يقومون لها إذا رأوها ويقولون في أهلك ما أنت أهلك ما أنت فهذه عائشة تنكر القيام لها أصلا وتخبر أن ذلك كان من أفعال أهل الجاهلية وكان أبو حنيفة وأبى يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى يذهبون في كل ما ذكرنا في هذا الباب إلى ما قد بينا نسخه لما قد خالفه وبه نأخذ باب الرجل يصلى على الميت أين ينبغي أن يقوم منه حدثنا علي بن شيبة قال ثنا يحيى بن يحيى قال أنا عبد الوارث بن سعيد عن حسين بن ذكوان قال حدثني عبد الله بن بريدة عن سمرة بن جندب قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم على أم كعب ماتت وهي نفساء فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليها وسطها حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا همام قال ثنا حسين المعلم فذكر بإسناده مثله
(٤٩٠)