أنه كان يقنت في صلاة العشاء فإن في ذلك محتمل أيضا أن يكون هي المغرب ويحتمل أن يكون هي العشاء الآخرة ولم نعلم عن أحد منهم أنه قنت في ظهر ولا عصر في حال حرب ولا غيره فلما كانت هاتان الصلاتان لا قنوت فيهما في حال الحرب وفي حال عدم الحرب وكانت الفجر والمغرب والعشاء لا قنوت فيهن في حال عدم الحرب ثبت أن لا قنوت فيهن في حال الحرب أيضا وقد رأينا الوتر فيها القنوت عند أكثر الفقهاء في سائر الدهر وعند خاص منهم في ليلة النصف من شهر رمضان خاصة فكانوا جميعا إنما يقنتون لتلك الصلاة خاصة لا لحرب ولا لغيره فلما انتفى أن يكون القنوت فيما سواها يجب لعلة الصلاة خاصة لا لعلة غيرها انتفى أن يكون يجب لمعنى سوى ذلك فثبت بما ذكرنا أنه لا ينبغي القنوت في الفجر في حال حرب ولا غيره قياسا ونظرا على ما ذكرنا من ذلك وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى باب ما يبدأ بوضعه في السجود اليدين أو الركبتين حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة الكوفي قال ثنا أصبغ بن الفرج قال ثنا الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا سجد بدأ بوضع يديه قبل ركبتيه وكان يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك حدثنا ابن أبي داود قال ثنا سعيد بن منصور وأصبغ بن الفرج قالا ثنا الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله حدثنا صالح بن عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن منصور قال ثنا عبد العزيز بن محمد قال حدثني محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ولكن يضع يديه ثم ركبتيه فقال قوم هذا الكلام محال لأنه قال لا يبرك كما يبرك البعير والبعير إنما يبرك على يديه ثم قال ولكن يضع يديه قبل ركبتيه فأمره ها هنا أن يصنع ما يصنع البعير ونهاه في أول الكلام أن يفعل ما يفعل البعير فكان من الحجة عليهم في ذلك في تثبيت هذا الكلام وتصحيحه ونفى الإحالة منه أن البعير ركبتاه في يديه وكذلك في سائر البهائم وبنوا آدم ليسوا كذلك فقال لا يبرك على ركبتيه اللتين في رجليه كما يبرك البعير على ركبتيه
(٢٥٤)