وفي زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام تركزت دعائمه ووضحت معالمه وظهرت خصائصه وكثر متبعوه ومعتنقوه، ولم يزل أئمة أهل البيت يتعاهدونه واحدا بالرعاية والعناية ويكشفون دقائقه وينشرون أعلامه وأحكامه.. واختلاف الشيعة إنما يكون بسبب تفاوت أفهام العلماء في الاستخراج والاستنباط - في الأمور الاستنباطية - وبحسب اختلاف الأنظار والأفكار - في الأمور العقلية. ومن الطبيعي أن هذا الرأي قد يوافق غيرهم وقد يخالفهم، وليس معنى الموافقة أن يكونوا منهم. على أنا لو قلنا بأن الاعتزال تشيع من بعض الجهات لكان أقرب إلى الصواب، حيث أن المتأخر يصح أن ينسب إلى المتقدم ولا يصح العكس. إذن فمن الخطأ أن نقول:
التشيع منحى من مناحي الاعتزال...) (1).
وبعد هذا فهل يصح أن يقال أن المرتضى معتزلي وهو الذي كتب كتابه (الشافي) في رد كبير المعتزلة في عصره القاضي عبد الجبار؟؟
أو هل يصح أن يقال إن الشريف يناصر مذهب الاعتزال وهو الذي يقول في بعض كتاباته ردا على المعتزلة (ويمكن أن يقال للمعتزلة خاصة) (2)؟
إن المرتضى يتصدى لمناقشة آراء المعتزلة كما يفعل بآراء غيرهم من ذوي الآراء الكلامية من سائر الفرق الإسلامية، وهي لديه على حد سواء في قبول النقاش والأخذ والرد، ولا يرى بينها وبين الآراء الشيعية من صلة توجب عليه قبولها أو مناصرتها.
2 - أما الجانب الثاني الذي يلزم التحدث عنه في هذه العجالة، فهو الجانب الفقهي للمرتضى: