والاتفاق، إليه فزع علمائها وعنه أخذ علماؤها، صاحب مدارسها، وجماع شاردها وآنسها، ممن سارت أخباره، وعرفت به أشعاره، وحمدت في دين الله مأثوره وآثاره، إلى تواليفه في الدين، وتصانيفه في أحكام المسلمين، ما يشهد أنه فرع ذلك الأصل الأصيل، ومن أهل ذلك البيت الجليل) (1).
والذي (كان نصير الدين الطوسي إذا جرى ذكره في دروسه يقول:
صلوات الله عليه، ويلتفت إلى القضاة المدرسين الحاضرين ويقول: كيف لا يصلى على السيد المرتضى) (2).
والمرتضى ككلامي شيعي يبحث من زاويته الخاصة كان شديد الانتصار للآراء الشيعية: يذب عنها بما أوتي من حول وطول، ويدافع عنها بكل قواه، ولا يدع ما يمكن الاستدلال به إلا جعله شاهدا يقيمه لدعم مذهبه وتقوية معتقده.
والغريب أن يعد الشريف المرتضى معتزليا لمناصرته بعض ما يذهب إليه المعتزلة، والأغرب أن يعد التشيع متفرعا من الاعتزال لوجود الشبه الكبير بينهما وتشابكهما في بعض الآراء الكلامية تشابكا قويا...
إن هذا لغريب حقا، وكأن القائل بهذا القول لم يقف على الآراء ولم يبحثها، وإذا كان بحث فيها كان يجد أن (أسس الإمامية أسبق من أسس المعتزلة لأن الاعتزال مذهب جديد حصل في زمن واصل بن عطاء في القرن الثاني للهجرة وخالف في ذلك أستاذه الحسن البصري واعتزل درسه. أما الإمامية فيعتمدون في مذهبهم على أئمة أهل البيت ويستندون إلى أحاديثهم وأحاديث جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله الغارس لبذرة التشيع والموضح لخططه وآثاره،