ومن هذا الذي يحصي أو يحصر ما في الأحاديث من الأباطيل. ولهذا وجب نقد الحديث بعرضه على العقول، فإذا سلم عليها عرض على الأدلة الصحيحة، كالقرآن وما في معناه، فإذا سلم عليها جوز أن يكون حقا والمخبر به صادقا.
وليس كل خبر جاز أن يكون حقا وكان واردا من طريق الآحاد يقطع على أن المخبر به صادقا.
ثم ما ظاهره من الأخبار مخالف للحق ومجانب للصحيح على ضربين، فضرب يمكن فيه تأويل له مخرج قريب لا يخرج إلى شديد التعسف وبعيد التكلف، فيجوز في هذا الضرب أن يكون صدقا. فالمراد به التأويل الذي خرجناه.
فأما ما لا مخرج له ولا تأويل إلا بتعسف وتكلف يخرجان عن حد الفصاحة بل عن حد السداد، فإنا نقطع على كونه كذبا، لا سيما إذا كان عن نبي، أو إمام مقطوع فيهما على غاية السداد والحكمة والبعد عن الألغاز والتعمية.
وهذا الخبر المذكور بظاهره يقتضي تجويز المحال المعلوم بالضرورات فساده وإن رواه الكليني (رحمه الله) في كتاب التوحيد، فكم روى هذا الرجل وغيره من أصحابنا (رحمهم الله تعالى) في كتبهم ما له ظواهر مستحيلة أو باطلة، والأغلب الأرجح أن يكون هذا خبرا موضوعا مدسوسا.
ويمكن فيه تخريج على ضرب من التعسف، وهو أن يكون الصادق (عليه السلام) سئل عن هذه المسألة بحضرة (1) قوم من الزنادقة والملحدين للأنبياء (2) الذين لا يفرقون بين المقدور والمستحيل، فأشفق (عليه السلام) أن يقول أن هذا ليس بمقدور