وأما الداعي فلا يجوز أن يكون هو المؤثر لكون الكلام خبرا أو أمرا أو خطابا لمن هو خطاب له. وما به علمنا أن الداعي هو المخصص لها ببعض الجهات، بمثله يعلم أن الداعي لاحظ له في كون الخطاب على بعض الصفات التي وقع عليها مع احتماله كان لغيرها.
ونحن نعيد طرفا من ذلك فنقول: لو كان الداعي هو المؤثر في كون الخطاب على ما يقع عليه من الوجوه المختلفة، لوجب أن يكون من دعاه الداعي إلى أن يأمر بأمر يتساوى في الغرض فيه والداعي إليه شخصان اسم كل واحد زيد، إلا أن أحدهما زيد بن عبد الله، والآخر زيد بن محمد، فقال:
يا زيد أفعل كذا لا يكون هذا القول متوجها إلى واحد منهما، لأنه ليس بأن يتوجه إلى زيد بن عبد الله بأولى من أن يوجه إلى زيد بن محمد.
والداعي الذي قيل أنه المؤثر يتعلق بهما على حد سواء، فكيف يكون هذا القول أمرا لأحدهما دون الآخر، الداعي يتميز ويخصص. فعلمنا أن الإرادة هي المؤثرة والمخصصة، لأنها تتعلق بكونه أمرا لشخص دون غيره.
والقول في الخبر وكل الخطاب يجري على ما ذكرناه، إذا تساوت الدواعي ووقع الخبر أو الخطاب مختصا بشخص دون غيره.
وبعد: فإن الأمر بما يكون عندنا أمرا بشئ بعينه لإرادة الأمر ذلك المأمور به وليس يجري مجرى الخبر في أنه يكفي فيه إرادة كونه خبرا ولا يختص بشخص دون آخر، من أن المؤثر فيه إرادة تخصصه بذلك الشخص، وقد دللنا على ذلك في (الملخص) و (الذخيرة) وكثير من كتبنا.
فنقول على هذا: كيف يكون قول القائل: أفعل كذا أمرا بذلك الفعل.
فإذا قيل للداعي إلى أن أمرته.
قلنا: فإن دعاني إلى أن آمر بفعل مخصوص من قيام أو صلاة لنفع يعود