على أن أصحابنا يقولون: إن الله تعالى أراد انتفاع الخلق بالمنافع فيمكن أن يقال: إن الغرض بذلك سروره.
وإنما يقولون: إنه أراد إحداث المنافع للانتفاع ويعنون كداعي الانتفاع.
وهذا رجوع إلى الداعي، لأنه سبحانه لو أراد وإحداث المنافع لا ينتفع بها لم تحصل المسرة إن حصلت بذلك، فإنما تحصل بالداعي لا بالإرادة. على أن هذا الغرض ليس بحاصل في خلق المنافع للبهائم.
وأما الأغراض الراجعة إلى الفاعل، فهي أن ليس بالإرادة، يتعرض (1) بها من تعجيل الفعل إلى الإنسان يجد (2) ذلك من نفسه وهو يستحيل في الله.
ولهذا لا يريد الإنسان في حال الفعل، لأنه لا يجوز الاعتياض مما هو موجود، وأيضا فإن الإرادة كالطلب للفعل، ولا يجوز طلب الموجود.
وعلى هذه المسألة كلام كثير، قد اعترض دليل الخبر والأمر والنهي، وقد أضربت عليه من ذكره لأجل انتشار الكلام، ولحضر بعض ما رووه (3) وأورد بعضه لفظا ومعنى، وعالي الرأي له في تأمله والأنعام بما عنده إنشاء الله تعالى، وذكر ما عنده فيه من أهم الأمور، لأن سوقه هاهنا - أعني بلاد مصر والشام - نافعة جدا، والقائلون به قد كثروا أيضا.
والله بعونه يورد على وليه من جهته ما يكون للشبهة حاسما، وله من يسلطها عليه عاصما، ووليه الآن يستأنف الأسؤلة عن مهمات ينتجها فكره لفظا ومعنى، ولم نجد لغيره في معناها قولا فمن ذلك.