للعوض، وإن كان الغرض لا بد منه. وإنما الغرض في فعل الآلام بهم المصلحة ثم الغرض، ليخرج من كونه ظلما. وقد بينا مرادنا بقولنا (خلقنا وخلق الشهوات فينا لغرض) فلا معنى لتقسيم علينا غير صحيح وللأمة على ما نذهب إليه.
فأما ما مضى في المسألة من قول السائل: فما تريدون أنتم بقولكم إن الله تعالى خلقنا على صفة المكلفين لنستحق الثواب - إلى آخر الكلام. فالجواب عنه قد مضى.
ولا شبهة في أن علمه بانتفاعنا بالتعريض للثواب والانتفاع به داع له تعالى إلى خلقنا. إلا أنا قد بينا أن ذلك إن كان هذا الداعي، فلا بد من إرادة يكون بها هذا الفعل الذي هو الإحداث متوجها إلى هذا الوجه. وبينا أن ما دعى إلى الفعل يدعو إلى فعل إرادته، فإنه لا يجوز أن يكون من ليس ممنوع (1) من الإرادة بفعل الفاعل للداعي من غير أن يريد، وأن ذلك معلوم ضرورة.
ولا شبهة في أنه لو خلقنا وداعيه إلى خلقنا انتفاعنا بالثواب، وقدرنا أنه لا إرادة له تتناول خلقنا، لم يكن خلقه إيانا عبثا، لأن العبث ما لا غرض فيه.
ولكن قد بينا أنه من المحال أن يدعوه الداعي إلى خلقنا لهذا الغرض وهو لا يريد خلقنا، إذا لم يكن ممنوع من الإرادة، إلا أنه لا يجوز أن يقال في ممنوع من الإرادة إذا فعل فعلا دعاه إليه داع أنه فعله لهذا، لأن هذا القول يقتضي أن يفعله توجها نحو ذلك الداعي، وهذا لا يكون إلا بالإرادة على ما تقدم بيانه.
ثم يقال للمعترض بهذه الاعتراضات: كيف يكون خلق الله تعالى لنا؟
لينفعنا إنما أثر فيه داعيه، وهو علمه بكون انتفاعنا إحسانا البتة وإنعاما علينا،