مقتض لكونه مدركا ومريدا، لأن ذلك يقتضي لكونه مؤثرا فيه، كما نقوله في اقتضاء كونه حيا لكونه مدركا. وإنما الصحيح أن نقول: كون الحي منا حيا يصحح كونه مريدا وكارها، والصحيح غير الاقتضاء.
فإن قيل: فما المقتضي لكونه مريدا.
قلنا: ورود الإرادة بحيث يختص به غاية الاختصاص، إما أن يكون في قلبه كالواحد منا أو لا في محل، كالقديم تعالى.
إلا أن للسائل أن يقول: ما أنكرتم أن يكون الشرط في الصحيح الذي ذكرتموه كونه جسما يصح عليه المسرة؟
والجواب: أنه لا نسبة بين كون الحي مريدا وبين كونه جسما يصح عليه المسرة، ولا تعلق لذلك بعضه ببعض، فكيف شرط في الصفة بما لا وجه لاشتراطه ولا جهة معقولة لتعلق تلك الصفة به؟ ولما اشترطنا في كون أحدنا مدركا صحة حواسه، ولم نشترط في كل مدرك، أحلنا على وجه معقول يختص بنا قد تقدم بيانه.
فأما المسرة وهي السرور، والسرور هو اعتقاد منفعة تصل إلى المسرور، أو اندفاع ضرر عنه. ولهذا أحلنا أن يكون تعالى مسرورا من حيث لا يجوز عليه المنافع ولا المضار، وليس في إرادة ما يدعو إليه الداعي نفسها منفعة.
وهذا غلط، لأن المنفعة لا تكون إلا مدركة، وما لا يدرك لا يصح أن يكون نفعا، والإرادة غير مدركة.
أو نقول: إن الإرادة لا تتعلق إلا بما فيه نفع للمريد. وهذا باطل، لأن المريد قد يريد ما يضره وما ينفعه وما ليس بضرر ولا نفع.
ألا ترى أنه قد يريد ما يعتقد أنه ينفعه، وهو على الحقيقة ضار له، وقد يلجأ إلى فعل ما عليه فيه مضرة فيريده، لأن الملجئ إلى الفعل يلجئ إلى