في ذلك إلا أنه سبحانه أراد بذلك أن يطيع فيستحق الثواب.
فإن (1) قالوا: لم زعمتم أن الأغراض هي الإرادة، وما أنكرتم أنه تعالى فعل ذلك لغرض، والمعنى فيه أنه فعله للتعريض للثواب واستحقه المكلف بفعل الطاعة.
وقالوا: فإن قلتم: فعل ذلك للتعريض للثواب يفيد الإرادة، لأن قول القائل (دخلت الدار لأسلم على زيد) معناه أنني قصدت السلام على زيد.
قيل لكم: ذلك لا يجب أن يفيد الإرادة عندكم، وذلك لأنكم تقولون:
إن الله تعالى خلق المنافع في الدنيا لينتفع بها الحيوان، ولم يرد انتفاعهم إذ هو مباح، والله تعالى لا يريد المباح في دار التكليف.
وقالوا: فإن قلتم: قد أراد المنافع، فلهذا ساغ لنا أن نقول ما قلناه.
قيل لكم: إنما أردنا أن نبين لكم أن قولنا لكذا لا يفيد الإرادة لما دخلت عليه اللام لا محالة. وقد بان ذلك في قولكم أراد خلق المنافع لينتفع بها.
قالوا أيضا: إن الله عز وجل إنما يؤلم الأطفال للمصلحة وللغرض، لأنه لو أولمهم للمصلحة فقط كان قبيحا، ومع ذلك لم يرد العوض في ذلك الوقت، ولا يجوز أن يريد من المكلف في ذلك الوقت فعل ما [فيه] الألم لمصلحة فيه، وإنما أراد ذلك عند نصب الدلالة العقلية والسمعية فقد بان أن لفظة اللام لا تفيد إرادة ما دخلت عليه لا محالة.
قالوا: ثم يقال لكم: ما تريدون بقولكم خلقنا والشهوات فينا لغرض.
فإن قلتم: نريد أنه أراد بذلك فعل الثواب.
قيل: ليس من قولكم، لأن الإرادة عندكم غير متقدمة للمراد.