من مذهب جميع الأمة، وكنا نعلم أن الأمة مع كثرة عددها وانتشارها في أقطار الأرض قد أجمعت على شئ بعينه نأمن أن يكون لها قول سواه فأحرى أن يصح في الإمامية - وهي جزء من كلها وفرقة من فرقها - أن نعلم مذاهبهم على سبيل الاستقرار والتعيين، وإجماعهم على ما أجمعوا عليه، حتى يزول عنا الريب في ذلك والشك فيه، كما زال فيما هو أكثر منه.
وإذا كان الإمام في زمان الغيبة موجودا بينهم وغير مفقود من جملتهم، فهو واحد من جماعتهم، وإذا علمنا بالسر والمخالطة وطول المباحثة أن كل عالم من علماء الإمامية قد أجمع على مذهب بعينه، فالإمام وهو واحد من العلماء، داخل في ذلك وغير خارج عنه.
وليس يخل بمعرفة مذهبه عدم معرفته بعينه، لأنا لا نعرف كل عالم من علماء الإمامية وفقيه من فقهائها في البلاد المتفرقة، وإن علمنا على سبيل الجملة إجماع كل عالم عرفناه أو لم نعرفه على مذهب بعينه، فالإمام في هذا الباب كمن لا نعرفه من علماء الإمامية.
وإذا لم يعرض لنا شك في مذهب من لا نعرفه من الإمامية، لم يجز أن يعرض أيضا لنا الشك في قول الإمام أنه من جملة أقوال الإمامية، وإن كنا لا نميز شخصه ولا نعرف عينه.
واعلم أن الطريق المعتمد المحدد إلى صحة مذاهبنا في فروع الأحكام الشريعة (1) هو هذا الذي بيناه وأوضحناه، سواء كانت المسائل مما تنفرد به الإمامية بها، أو مما يوافقها فيها بعض خصومها.