وحقائق خلقها أنها أرواح لطيفة تجري مجرى الدم وتصل إلى القلوب وتدخل في الثرى وترى ولا ترى قال الله تعالى في إبليس إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم يريد أنا لا نراهم في حقائق هيئاتهم وقال أيضا وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الامر ثم لا ينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا يريد لو أنزلنا ملكا لم تدركه حواسهم لأنها لا تلحق حقائق هيئات الملائكة فكنا نجعله رجلا مثلهم ليروه ويفهموا عنه وقد ذكر بن عباس في قصة الزهرة أن الله تعالى لما أهبط الملكين إلى الأرض ليحكما بين أهلها نقلهما إلى صور الناس وركب فيهما الشهوة لأنه لا يجوز أن يقضي بين الناس إلا من يرونه ويسمعون كلامه وإلا من شاكلهم وأشبههم ولما تمثل ملك الموت لموسى عليه السلام وهذا ملك الله وهذا نبي الله وجاذبه لطمه موسى لطمة أذهبت العين التي هي تخييل وتمثيل وليست حقيقة وعاد ملك الموت عليه السلام إلى حقيقة خلقته الروحانية كما كان لم ينتقص منه شئ قالوا حديث يكذبه النظر قالوا رويتم أن عوجا اقتلع جبلا قدره فرسخ في فرسخ على قدر عسكر موسى فحمله على رأسه ليطبقه عليهم فصار طوقا في عنقه حتى مات وأنه كان يخوض البحر فلا يجاوز ركبتيه وكان يصيد الحيتان من لججه ويشويها في عين الشمس وأنه لما مات وقع على نيل مصر فجسر للناس سنة أي صار جسرا لهم يعبرون عليه من جانب إلى جانب
(٢٥٨)