وإنما يراد به القصد إلى الشئ بالإرادة والعزم والنية وكذلك قوله عز وجل إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون لا يريد أنه معهم بالحلول ولكن بالنصرة والتوفيق والحياطة وكذلك قوله تعالى من تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة قال أبو محمد وحدثنا عن عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبه أن موسى صلى الله عليه وسلم لما نودي من الشجرة اخلع نعليك أسرع الإجابة وتابع التلبية وما كان ذلك إلا استئناسا منه بالصوت وسكونا إليه وقال إني أسمع صوتك وأحس وجسك ولا أرى مكانك فأين أنت فقال أنا فوقك وأمامك وخلفك ومحيط بك وأقرب إليك من نفسك يريد أني أعلم بك منك بنفسك لأنك إذ نظرت إلى ما بين يديك خفي عنك ما وراءك وإذا سموت بطرفك إلى ما فوقك ذهب عنك علم ما تحتك وأنا لا تخفى علي خافية منك في جميع أحوالك ونحو هذا قول رابعة العابدة شغلوا قلوبهم عن الله عز وجل بحب الدنيا ولو تركوها لجالت في الملكوت ثم رجعت إليهم بطرف الفوائد ولم ترد أن أبدانهم وقلوبهم تجول في السماء بالحلول ولكن تجول هناك بالفكرة والقصد والاقبال
(٢٥٥)