وكان أبو يوسف يقول من طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب المال بالكيمياء أفلس ومن طلب غرائب الحديث كذب قال أبو محمد وقد كنت في عنفوان الشباب وتطلب الآداب أحب أن أتعلق من كل علم بسبب وأن أضرب فيه بسهم فربما حضرت بعض مجالسهم وأنا مغتر بهم طامع أن أصدر عنه بفائدة أو كلمة تدل على خير أو تهدي لرشد فأرى من جرأتهم على الله تبارك وتعالى وقلة توقيهم وحملهم أنفسهم على العظائم لطرد القياس أو لئلا يقع انقطاع ما أرجع معه خاسرا نادما وقد ذكرهم محمد بن بشير الشاعر وقد أصاب في وصفهم حين يقول دع من يقول الكلام ناحية * فما يقول الكلام ذو ورع كل فريق بدوهم حسن * ثم يصيرون بعد للشنع أكثر ما فيه أن يقال له * لم يك في قوله بمنقطع وقال عبد الله بن مصعب ترى المرء بعجبه أن يقولا * وأسلم للمرء أن لا يقولا فأمسك عليك فضول الكلام * فإن لكل كلام فضولا ولا تصحبن أخا بدعة * ولا تسمعن له الدهر قيلا فإن مقالتهم كالظلال * يوشك أفياؤها أن تزولا وقد أحكم الله آياته * وكان الرسول عليها دليلا وأوضح للمسلمين السبيل * فلا تتبعن سواها سبيلا أناس بهم ريبة في الصدور * ويخفون في الجوف منها غليلا
(٦٠)