حديثان متناقضان قالوا رويتم أن خباب بن الأرت قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمضاء فلم يشكنا يعني أنهم شكوا إليه شدة الحر وما ينالهم من الرمضاء وسألوه الابراد بالصلاة فلم يشكهم أي لم يجبهم إلى تأخيرها ثم رويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فوح جهنم قالوا وهذا اختلاف خفاء به وتناقض قال أبو محمد ونحن نقول إنه ليس ههنا بنعمة الله تعالى اختلاف ولا تناقض لان أول الأوقات رضوان الله وآخر الأوقات عفو الله والعفو لا يكون إلا عن تقصير فأول الأوقات أوكد أمرا وآخرها رخصة وليس يجوز لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ في نفسه إلا بأعلى الأمور وأقربها إلى الله تعالى وإنما يعمل في نفسه بالرخصة مرة أو مرتين ليدل بذلك الناس على جوازها فأما أن يدوم على الامر الأخس ويترك الأوكد والأفضل فذلك مالا يجوز فلما شكا إليه أصحابه الذين يصلون معه الرمضاء وأرادوا منه التأخير إلى أن يسكن الحر لم يجبهم إلى ذلك إذ كانوا معه ثم أمر بالابراد من لم يحضره توسعة على أمته وتسهيلا عليهم وكذلك تغليسه بالفجر وقوله أسفروا بالفجر
(١٠٣)