وإنما أراد به أنه إله السماء وإله من فيها وإله الأرض وإله من فيها ومثل هذا من الكلام قولك هو بخراسان أمير وبمصر أمير فالامارة تجتمع له فيهما وهو حال بإحداهما أو بغيرهما وهذا واضح لا يخفى فإن قيل لنا كيف النزول منه عز وجل قلنا لا نحتم على النزول منه بشئ ولكنا نبين كيف النزول منا وما تحتمله اللغة من هذا اللفظ والله أعلم بما أراد والنزول منا يكون بمعنيين أحدهما الانتقال عن مكان إلى مكان كنزولك من الجبل إلى الحضيض ومن السطح إلى الدار والمعنى الآخر إقبالك على الشئ بالإرادة والنية وكذلك الهبوط والارتقاء والبلوغ والمصير وأشباه هذا من الكلام ومثال ذلك أن يسألك سائل عن محال قوم من الاعراب وهو لا يريد المصير إليهم فتقول له إذا صرت إلى جبل كذا فأنزل منه وخذ يمينا وإذا صرت إلى وادي كذا فاهبط فيه ثم خذ شمالا وإذا صرت إلى أرض كذا فاعتل هضبة هناك حتى تشرف عليهم وأنت لا تريد في شئ مما تقوله افعله ببدنك إنما تريد افعله بنيتك وقصدك وقد يقول القائل بلغت إلى الأحرار تشتمهم وصرت إلى الخلفاء تطعن عليهم وجئت إلى العلم تزهد فيه ونزلت عن معالي الأخلاق إلى الدناءة وليس يراد في شئ من هذا انتقال الجسم
(٢٥٤)