أفما في هذا القول دليل على أن الوجوه الناضرة التي هي إلى ربها ناظرة هي التي لا تحجب إذا حجبت هذه الوجوه فإن قالوا لنا كيف ذلك النظر والمنظور إليه قلنا نحن لا ننتهي في صفاته جل جلاله إلا إلى حيث انتهى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندفع ما صح عنه لأنه لا يقوم في أوهامنا ولا يستقيم على نظرنا بل نؤمن بذلك من غير أن نقول فيه بكيفية أو حد أو أن نقيس على ما جاء ما لم يأت ونرجو أن يكون في ذلك من القول والعقد سبيل النجاة والتخلص من الأهواء كلها غدا إن شاء الله تعالى قالوا حديث في التشبيه يكذبه القرآن وحجة العقل قالوا رويتم أن قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الله عز وجل فإن كنت أردتم بالأصابع ههنا النعم وكان الحديث صحيحا فهو مذهب وإن كنتم أردتم الأصابع بعينها فإن ذلك يستحيل لان الله تعالى لا يوصف بالأعضاء ولا يشبه بالمخلوقين وذهبوا في تأويل الأصابع إلى أنه النعم لقول العرب ما أحسن إصبع فلان على ماله يريدون أثره وقال الراعي في وصف إبله ضعيف العصا بادي العروق ترى له * عليها إذا ما أمحل الناس أصبعا أي ترى له عليها أثرا حسنا قال أبو محمد ونحن نقول إن هذا الحديث صحيح وإن الذي ذهبوا إليه في تأويل الإصبع لا يشبه الحديث لأنه عليه السلام قال في دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقالت له إحدى أزواجه أو تخاف يا رسول الله على نفسك
(١٩٥)