قال أبو محمد ونحن نقول إنه ليس ههنا اختلاف ولا تناقض وإنما أراد أنه سيد ولد آدم يوم القيامة لأنه الشافع يومئذ والشهيد وله لواء الحمد والحوض وهو أول من تنشق عنه الأرض وأراد بقوله لا تفضلوني على يونس طريق التواضع وكذلك قول أبي بكر رضي الله عنه وليتكم ولست بخيركم وخص يونس لأنه دون غيره من الأنبياء مثل إبراهيم وموسى وعيسى صلى الله عليهم وسلم أجمعين يريد فإذا كنت لا أحب أن أفضل على يونس فكيف غيره ممن هو فوقه وقد قال الله تعالى فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت أراد أن يونس لم يكن له صبر كصبر غيره من الأنبياء وفي هذه الآية ما دلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل منه لان الله تعالى يقول له لا تكن مثله وذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بقوله لا تفضلوني عليه طريق التواضع ويجوز أن يريد لا تفضلوني عليه في العمل فلعله أكثر عملا مني ولا في البلوى والامتحان فإنه أعظم مني محنة وليس ما أعطى الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة من السؤدد والفضل على جميع الأنبياء والرسل بعمله بل بتفضيل الله تعالى إياه واختصاصه له وكذلك أمته أسهل الأمم محنة بعثه الله تعالى إليها بالحنيفية السهلة ووضع عنها الإصر والاغلال التي كانت على بني إسرائيل في فرائضهم وهي مع هذا خير أمة أخرجت للناس بفضل الله تعالى
(١٠٩)