نهض سقط من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه، فسأل علي (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فقال: هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل (عليه السلام).
قال علي (عليه السلام): ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، اصنع لأهلك طعاما فاضلا. ثم قال: من عندنا اللحم والخبز، وعليك التمر والسمن، فاشتريت تمرا وسمنا، فحسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه خبيصا (1) وبعث إلينا كبشا سمينا فذبح وخبز لنا خبزا كثيرا، ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): ادع من أحببت، فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة، فاستحييت أن اشخص قوما وأدع قوما، ثم صعدت على ربوة هناك، وناديت: أجيبوا إلى وليمة فاطمة، فأقبل الناس أرسالا، فاستحييت من كثرة الناس وقلة الطعام، فعلم رسول الله (صلى عليه وآله) ما تداخلني فقال: يا علي، إني سأدعو الله بالبركة.
قال علي (عليه السلام): وأكل القوم عن آخرهم طعامي، وشربوا شرابي، ودعوا لي بالبركة، وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل، ولم ينقص من الطعام شئ، ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالصحاف (2) فملئت، ووجه بها إلى منازل أزواجه، ثم أخذ صحفة وجعل فيها طعاما، وقال: هذا لفاطمة وبعلها، حتى إذا انصرفت الشمس للغروب قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). يا أم سلمة، هلمي فاطمة، فانطلقت فأتت بها وهي تسحب أذيالها، وقد تصببت عرقا حياء من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فعثرت فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): أقالك الله العثرة في الدنيا والآخرة، فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي (عليه السلام)، ثم أخذ يدها فوضعها في يد علي (عليه السلام)، فقال: بارك الله لك في ابنة رسول الله، يا علي، نعم الزوجة فاطمة، ويا فاطمة، نعم البعل علي، انطلقا إلى منزلكما ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما.
قال علي (عليه السلام): فأخذت بيد فاطمة، وانطلقت بها حتى جلست في جانب