فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما إني سأعطيها من يأخذها بحقها، ومن لا يقول مثل ما تقول، يا علي هاكها خالصة لا يحاقك فيها أحد، يا علي اقبل وصيتي وأنجز مواعيدي وأد ديني، يا علي اخلفني في أهلي، وبلغ عني من بعدي.
قال علي (عليه السلام). فلما نعى إلي نفسه، رجف فؤادي وألقي علي لقوله البكاء، فلم أقدر أن أجيبه بشئ، ثم عاد لقوله فقال: يا علي، أو تقبل وصيتي؟ قال: فقلت، وقد خنقتني العبرة، ولم أكد أن أبين. نعم، يا رسول الله.
فقال (صلى الله عليه وآله): يا بلال ائتني بسوادي (1)، ائتني بذي الفقار، ودرعي ذات الفضول، ائتني بمغفري ذي الجبين، ورايتي العقاب، وائتني بالعنزة (2) والممشوق (2)؟ فأتى بلال بذلك كله إلا درعه كانت يومئذ مرتهنة.
ثم قال: ائتني بالمرتجز (4) والعضباء (5)، ائتني باليعفور والدلدل (6)، فأتى بها، فأوقفها بالباب، ثم قال: ائتني بالاتحمية (7) والسحاب، فأتاه بهما فلم يزل يدعو بشئ شئ، فافتقد عصابة كان يشد بها بطنه في الحرب، فطلبها فأتي بها، والبيت غاص يومئذ بمن فيه من المهاجرين والأنصار.
ثم قال: يا علي، قم فاقبض هذا؟ ومد إصبعه، وقال: في حياة مني، وشهادة من في البيت، لكيلا ينازعك أحد من بعدي، فقمت وما أكاد أمشي على قدم حتى استودعت ذلك جميعا منزلي. فقال: يا علي أجلسني، فأجلسته وأسندته إلى صدري.