معاوية، نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبيه (صلى الله عليه وآله)، ولم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض الله (تعالى) نبيه (صلى الله عليه وآله)، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا، وتوثب على رقابنا، وحمل الناس علينا، ومنعنا سهمنا من الفئ، ومنع أمنا ما جعل لها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها، وما طمعت فيها يا معاوية، فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها، فطمعت فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء أنت وأصحابك، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إما ولت أمة أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا ".
وقد تركت بنو إسرائيل هارون وهم يعلمون أنه خليفة موسى (عليه السلام) فيهم واتبعوا السامري، وقد تركت هذه الأمة أبي وبايعوا غيره، وقد سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة)، وقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصب أبي يوم غدير خم، وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقد هرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قومه وهو يدعوهم إلى الله (تعالى) حتى دخل الغار، ولو وجد أعوانا ما هرب، وقد كف أبي يده حين ناشدهم واستغاث فلم يغث، فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه، وجعل الله النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة حين دخل الغار ولم يجد أعوانا، وكذلك أبي، وأنا في سعة من الله حين خذلتنا الأمة وبايعوك يا معاوية، وإنما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا.
أيها الناس، إنكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري وأخي لم تجدوه، وإني قد بايعت هذا ﴿وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين﴾ (1).