أطاعه رشد، ومن عصاه غوى، ومن تاب إليه اهتدى.
فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفا ووالدا، وأن تدفنني مع جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإني أحق به وببيته ممن أدخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده، قال الله (تعالى) فيما أنزله على نبيه (صلى الله عليه وآله) في كتابه: " يا أيها الذ ين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي، إلا أن يؤذن لكم " (1) فوالله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده، فإن أبت عليك الامرأة فأنشدك بالقرابة التي قرب الله (عز وجل) منك، والرحم الماسة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن لا تهريق في محجمة (2) من دم حتى نلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنختصم إليه، ونخبر بما كان من الناس إلينا بعده ". ثم قبض (عليه السلام).
قال ابن عباس: فدعاني الحسين (عليه السلام) وعبد الله بن جعفر وعلي بن عبد الله بن العباس فقال: اغسلوا ابن عمكم، فغسلناه وحنطناه وألبسناه أكفانه، ثم خرجنا به حتى صلينا عليه في المسجد، وإن الحسين (عليه السلام) أمر أن يفتح البيت، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان، وقالوا: أيدفن أمير المؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظلما بالبقيع بشر مكان ويدفن الحسن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)! والله لا يكون ذلك أبدا حتى تكسر السيوف بيننا وتنقصف الرماح وينفد النبل.
فقال الحسين (عليه السلام): أما والله الذي حرم مكة للحسن بن علي بن فاطمة أحق برسول الله وبيته ممن أدخل بيته بغير إذنه، وهو والله أحق به من حمال الخطايا، مسير أبي ذر (رحمه الله)، الفاعل بعمار ما فعل، وبعبد الله ما صنع، الحامي الحمى،