حق؟ فقلت لها: إنه حق فما مضى على كلامنا حين حتى جاء رسول الملك ففرق بيني وبينها ولم يمض لي بعد ذلك إلا ثلاثة أيام حتى دعاني الملك فدخلت عليه فرأيت أمارات البشر مستحكمة في وجهه ثم قال لي: يا شقى ما حملك على الكذب في نسبك فأنا أحكم على من انتسب إلى غير أبيه بالقتل. فقلت: ما انتسبت إلى غير أبى. فقال لي ابنتي تقول أنك ابن ملك الروم فأعلمته أنى أقول ذلك، ودعوته ليكشف الامر وينظر فيه. فقال: إني لست أحتاج إلى أن أكشف أمرك برسول أرسله ليعرف خبرك ولى أشياء أمتحنك بها فأعرف صدقك من كذبك. فدعوته إلى كشفها بما شاء فدعا بدابة ولبد وسرج ولجام وأمرني بتناول الدابة فأخذتها من يد السائس، ثم أمرني بأخذ اللبد فأخذته، وأمرني بالقائه على الدابة ففعلت ثم أمرني بشد الحزام والثفر واللبب وأخذ اللجام والجام الدابة ففعلت ذلك كله، ثم أمرني بركوب الدابة فركبته وأمرني بالسير فسرت، ثم أمرني بالاقبال فأقبلت، ثم أمرني بالنزول فقال عند آخر ذلك كله أشهد أنه ابن ملك الروم، لأنه أخذ الدابة أخذ ملك، وعمل سائر الأشياء مثل ما تعمله الملوك، فاشهدوا أنى قد زوجته ابنتي.
فلما قالوا إنا قد شهدنا قال: لا تشهدوا قال البطريق فلما سمعت قوله لا تشهدوا نزلت على الكلمة نزول الصاعقة وخفت أن تأتى على نفسي ثم قال لي لم أنههم عن الشهادة رغبة عنك ولكن لنا شرط لا يمكن أن نخالفه، ولم آمن أن نضطر فنحملك على شرطنا وهو ما لم نخبرك به ونقفك عليه فنكون قد ظلمناك أو ندع سنة بلدنا فنكون قد فارقنا ملتنا. إن سنتنا يا رومي أن لا نفرق بين الزوجين إذا مات أحدهما فان مات الرجل قبل المرأة جعلناها في سريرها وجعلنا زوجها معها وصيرناهما جميعا في البئر فان رضيت بهذا الشرط فبارك الله لك في زواجها; وإن لم ترض بها فليست راضية بك ولا يستقيم لك أن تتزوجها على خلاف سنتنا فأحوجتني الصبابة بها إلى أن قلت قد رضيت بهذه السنة فأمر بتجهيزها وتجهيزي، وجمع ما بيننا فأقمت معها أربعين يوما لا يرى كل واحد منها ومنى إلا أنه قد فاز بملك الدنيا ثم اعتلت علة كان معها غشية