وانتبهت. فعاتبه أبو جعفر على ما كان بينهما، وجعل ذلك طريقا على استصلاحه، وبذل له من نفسه ما يريده ولم يبرح حتى أرضاه وصارا صديقين.
وقال له ابن الفرات: لا رأيت بعدها منى سوءا ما عشت أبدا * وروى عن محمد بن علي بن يونس عن أبيه أنه كتب لرجاء بن أبي الضحاك وهو بدمشق، وان علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ كان يتقلد خلافة خمار تكين على المعونة على دمشق، فوثب على رجاء فقيده وقبض على جماعة من أسبابه وأمر بحبسي فحبست في يدي سجان كان جارا لي، وكان يأتيني بالخبر ساعة بعد ساعة.
فدخل إلى وقال: اخرج والله رأس صاحبك رجاء على قناة، ثم جاءني وقال:
قد قتل مطببه، ثم جاءني فقال: قد قتل ابن عمه، ثم جاءني فقال: قد قتل كاتبه الآخر فلان، ثم قال: الساعة يدعى بك لتقتل. فلما سمعت ذلك نالني جزع شديد وخرج السجان وقفل الباب ودعى بي فدافع عنى وقال: مفتاح القفل مع شريكي والساعة يحضر، فنالني في تلك الساعة نعاس فرأيت في منامي كأني ارتمطت في طين كثير، وكأني قد خرجت وما بلت قدمي واستيقظت وتأولت الفرج، وسمعت حركة شديدة فلم أشك أنها لطلبي فعاودني الجزع، فدخل السجان وقال ابشر: فقد أخذ الجند علي بن إسحاق فحبسوه، فلم البث حتى جاءني الجند فأخرجوني وجاءوا بي إلى مجلس علي بن إسحاق الذي كان فيه جالسا وقدامه دواية وكتاب قد كان كتبه إلى المعتصم في تلك الساعة يخبره بخبر قتله رجاء وجعل له ذنوبا ولنفسه معاذير ويسمى رجاء المجوسي الكافر. فحرقت الكتاب وكتبت بالخبر كما يجب إلى المعتصم من نفسي وما أجرى إليه علي بن إسحاق وأنفذت الكتاب، ولم أزل أدبر العمل حتى تسلم منى وحمل إلى المعتصم فحبس حبسا طويلا، وأظهر الوسواس وتكلم فيه أحمد بن أبي داود فأطلق * وجدت في بعض الكتب أن المنصور استيقظ من منامه ليلة من بعض الليالي وهو مذعور لرؤيا رآها فصاح بالربيع وقال له: صر الساعة إلى الباب الذي يلي باب الشام فإنك ستصادف هناك رجلا مجوسيا مستندا إلى الباب الحديد فجئني به. فمضى الربيع مبادرا وعاد والمجوسي معه. فلما رآه المنصور قال: نعم هو هذا ما ظلامتك؟ فقال: إن عاملك بالأنبار