قال أبو الحسن علي بن عبد الأعلى الإسكافي كنت أكتب لبغاء الكبير فصرفني ونكبني وأخذ ضياعي ومالي وحبسني بعد ذلك وتهددني ونالني منه كل مكروه، وإني لفى حبسه إذ سمعت حركة فسألت عنها فقيل لي: قد وافى إسحاق بن إبراهيم الطاهري وكان صاحب الشرطة، فقلت: إنما هذا حضر لعقوبتي فطارت نفسي جزعا، فلم ألبث أن دعيت فحملت في قيودي وعلى ثياب في نهاية الوسخ فأدخلت وأنا كالميت لما بي ولعظم الخوف، فلما وقعت عين إسحاق على تبسم فسكنت نفسي. فقال لي بغاء إن أخي أبا العباس يعنى عبد الله بن طالب بن طاهر كتب إلى يشفع في أمرك وقد شفعته وأزلت عنك المطالبة ورضيت عنك، ورددت عليك ضياعك فانصرف إلى منزلك فبكيت بكاء شديدا لعظم ما قد ورد على قلبي من السرور، وفكت قيودي وغيرت حالي، وانصرفت فبت في بيتي وبكرت في المسير إلى إسحاق لأشكره واسأله عما أوجب ما جرى لأنه شئ ما طمعت فيه، ولا كانت لي وسيلة إلى أبى العباس ولا إسحاق فلقيته وشكرته ودعوت له ولأبي العباس وسألته فقال: ورد على كتاب الأمير أبى العباس يقول فيه قد كانت كتب أبى موسى بغاء ترد على بمخاطبات توجب الانس والخلطة، وتلزم الشكر والمنة، ثم تغيرت فبحثت عن السبب فعلمت أن ذلك الكاتب صرف، وأنه منكوب وحق لمن أحسن عشرتنا ووكد المحبة بيننا وبين إخواننا حتى بان لنا موقعه وعرفنا موضعه لما صرف أن نرعى حقه. فسر أبقاك الله إلى أخي أبى موسى واسأله في أمر كاتبه المصروف عنى واستصفحه ما في نفسه منه واستطلقه واسأله رده إلى كتابته وإن كان ما يطالبه به مما لا ينزل عنه فأده من مالنا كائنا ما كان.
فلقيته ففعل ما رأيت وأنا أعاود الخطاب في استكتابك وقد أمر لك الأمير بكذا من المال فخذه. قال فأخذته وشكرت ودعوت للأميرين وانصرفت فأمضيت الأيام حتى ردني إسحاق إلى كتابة بغاء بشفاعة أبى العباس وتأثلت حالي معه ونعمتي.
حدثني علي بن أبي الطيب بإسناده إلى سليمان بن أبي زياد قال: كان عمرو