كبيرة حسنة مفروشة ووكل على فيها باحسان وإجلال، واستدعيت كل من أردت وتسامع الناس بأمري وجاؤني ففرج عنى ومضت سبعة وعشرون يوما وقد أعددت ألف ألف درهم وأنا أتوقع أن يرد المحل فأطلب فأؤدي المال، وإذا أنا بموسى بن عبد الملك قد دخل إلى فقمت إليه فقال: أبشر.
فقلت ما الخبر؟ فقال ورد كتاب صاحب مصر بمبلغ مالها لهذه السنة مجملا، ومبلغ الجمل في النفقات يبلغ ذلك حسابا مفصلا فقرأ عبيد الله ذلك على أمير المؤمنين فوقع إلى باخراج مال مصر ليعرف آثار العامل، فأخرجتها من ديوان الخراج والضياع لان ضياع مصر تجرى في ديوان الضياع وتجرى في ديوان الخراج وينفد حسابها إلى الدواوين كما علمت، فجعلت سنتك التي توليت فيها عمالة مصر مصدرة، وأفردت بعدها السنين الناقصة عن سنتك توصلا في خلاصك وجعلت أقول النقصان في سنة كذا وكذا من التي صدرتها كذا وكذا. فلما قرأ عبيد الله المفصل على المتوكل قال: فهذه السنة الوافرة من كان يتولاها؟ فقلت يا أمير المؤمنين: سليمان بن وهب. فقال المتوكل لم لا يرد إليها؟ فقلت يا أمير المؤمنين وأين سليمان بن وهب ذاك مقتول بالمطالبة، قد استصفى وافتقر. فقال تزال عنها المطالبة، ويعاون بمائة ألف درهم ، ويعجل إخراجه. فقلت يا أمير المؤمنين: وترد ضياعه ليرتفع جاهه.
قال: ونفعل ذلك. وقد تقدم إلى عبيد الله بذلك واستأذنته في أن أجيئك وأخرجك فأذن لي فقم بنا إلى الوزير. قال وقد كان أرسل إلى إسحاق برسالة الخليفة يأذن له في إطلاقي فخرجت من وقتي ولم أؤد من المال حبة واحدة ورددته إلى موضعه وجئت إلى عبيد الله فوقع لي بمائة ألف معونة على سفري ودفع إلى عهد مصر فخرجت إليها مسرورا.
حدثني عبيد الله الأسناتي قال: أحزنني أمر ضقت به ذرعا فأتيت يحي ابن خالد الأزرق وكان مستجاب الدعوة فرآني مكروبا قلقا فقال: ما شأنك؟
قلت: دفعت إلى كيت وكيت. فقال استعن بالله واصبر فإن الله جل جلاله وعد الصابرين أجرا. فقلت: ادع الله فحرك شفتيه بشئ لا أعلم ما هو فانصرفت