وأصغيت وأتم الشرطي الحديث فقال -: دار يقال لها دار فلان فذكر داري واسمى وفيها بستان فيه سدرة تحتها مدفون ثلاثون ألف دينار فامض فخذها فما فكرت في هذا الحديث ولا التفت إليه وأنت أحمق فارقت وطنك وأهلك وجئت إلى مصر بسبب منام قال: فقوى قلبي بذلك وأطلقني الطائف فبت في مسجد وخرجت في غد من مصر وقدمت بغداد فقلعت السدرة وأثرت مكانها فوجدت فيها قمقما فيه ثلاثون ألف دينار، فأخذتها ودبرت أمرى فأنا أعيش من تلك الدنانير، وكلما ابتعته منها من ضيعة وعقار إلى الآن.
وجدت في كتاب أبى الفرج عبد الواحد المخزومي الخبطي، عن علي ابن العباس النحو بختى قال: حدثني أحمد بن عبد الله التغلبي قال: كان من بقايا شيوخ خراسان ممن يلزم دار العامة بسر من رأى شيخ يكنى أبا عصمة وكان يحدثنا كثيرا بأخبار الدولة وأهلها فحدثنا أن خزيمة ابن حازم كان يجلس في داره للناس في كل يوم ثلاثا فلا يحجب عنه أحد ولا يستأذن لمن يحضره إنما يدخلون إرسالا بغير إذن فمن كان من أشراف الناس ووجوهم سلم وانصرف، ومن كان من طلاب الحوائج أو خطاب التصرف دفع رقعة إلى الحاجب، وكان قد أفرد لهذا كاتبا حصيفا يقال له الحسن بن سلمة يتصفح الرقاع قبل عرضها عليه فما كان يجوز أن يوقع فيه عنه وقع وسلمه إلى أربابه، وما كان لابد من وقوفه عليه وتوقيعه فيه بخطه عرضه عليه، وما كان من زائر ومسترفد عرضه عليه رقعته فيكون هو الموقع فيها بما يراه. ولا يكاد أن ينصرف أحد من هذا الجمع العظيم المفرط إلا وهو مسرور بقضاء حاجته. قال أبو عصمة وكان ممن يتصرف في الأعمال رجل من العرب له لسان وفصاحة يقال له حامد بن عمرو الحراني، وكان فيه إلحاح شديد وملازمة تامة إذا تعطل فيؤذي بذلك ويبرم ولا يقنع بذلك حتى يلازم بابه في كل يوم، وإذا ركب خاطبه على الطريق وبما تعرض له في الدار الخليفة فيخاطبه ولم يكن في طبع خزيمة الاحتمال لمثل هذا. قال أبو عصمة فحدثني