الباب الرابع من استعطف غضب السلطان بصادق لفظ، واستوفف مكروها بموقظ بيان أو وعظ قرئ على أبى بكر الصولي بالبصرة وأنا أسمع في كتابه: " كتاب الوزراء ". وجدت بخط إبراهيم بن جاهين، حدثني علي بن محمد النوفلي:
أن المأمون ذكر عمرو بن مسعدة واستبطأه في أشياء، وكان ذلك بحضرة أحمد بن أبي خالد فأخبر به عمروا أحمد، فدخل عمرو إلى المأمون فرمى بنفسه وقال: أنا عائذ بالله من سخطك يا أمير المؤمنين، أنا أقل من أن يشكوني أمير المؤمنين إلى أحد، ويسر على ضغنا يظهر منه لمكانة ما ظهر. فقال له المأمون وما ذاك؟ فأخبره بما بلغه. فقال لم يكن كذلك، وإنما جرى معنى أوجب ذكر ما ذكرت فقدمته قبل أن أخبرك به وكان ذلك عزمي، ومالك عندي إلا ما تحب فليفرج روعك، وليحسن ظنك وسكن ما به حتى شكره وجعل ماء الحياة يدور في وجهه. فلما دخل أحمد بن أبي خالد قال له: أشكو إليك من بحضرتي من أهلي وخدمي فما للمجلس حرمة حتى تؤدى ما يجرى فيه إلى عمرو بن مسعدة فقد أبلغ لي شيئا قلته فيه فاتهمت به بعض بني هاشم ممن كان حاضرا، وذلك أن عمرا دخل على فأعاد ما كان واعتذر، فجعلت أعتذر إليه بعذر لم يبن الحق نسجه، ولم يتسق القول فيه، وان لسان الباطل ينبئ عن الظاهر بالباطن. فقال له أحمد: لا يتهم أمير المؤمنين أحدا أنا أخبرت عمرا. قال: ما دعاك إلى ذلك؟ قال الشكر لله والله لاصطناعك.
والنصح بك والمحبة لاتمام نعمتك على أوليائك وخدمك، وقد علمت أن أمير المؤمنين يحب إصلاح الأعداء والبعداء، فكيف بالأولياء والقرباء، لا سيما مثل عمرو في موضعه من الدولة، وموقفه من الخدمة، ومكانه من أمير المؤمنين فأخبرته بما أنكره عليه ليقوم أود يقينه، ويتلافى ما فرط منه. وإنما العيب لو أزعت سرا فيه قدح على السلطان أو نقض تدبير له. فقال له