يومى وليلتي طعاما وأمسيت على ذلك، فلما هدأت العيون توضأت واستقبلت القبلة وصليت ما شاء الله وتضرعت إليه عز وجل ودعوته بإخلاص طوية وصدق نية وأطلت فحملتني عيني وأنا ساجد في القبلة فرأيت في منامي كأني على حالي في الصلاة والدعاء وكأن خزيمة بن حازم قد وقف على وأنا أدعو فصاح بي لا تفعل، وعد إلى فإني أحسن إليك وأوليك. فانتهت مذعورا، وقد قويت نفسي فقلت أبكر إليه فلعل الله عز وجل أن يطرح في قلبه الرقة لي. فغدوت إليه فكان ما رأيت فقال الحسن: فكثر تعجبي لاتفاق المنامين وقلت لحامد لقد أخبرني الأمير بمثل هذا لم يخرم منه حرفا. وبكرت إلى خزيمة وحدثته الحديث وأحضر حامدا حتى سمع ذلك منه فعجب منه وأمر له بصلة وكسوة وحملان ولم يزل بعد ذلك متعهدا إكرامه ولا يتعطل * ويقارب هذا الحديث حديثان: أحدهما حدثني به غير واحد من أهل بغداد أن عطارا من أهل الكرخ بها كان مشهورا بالستر والأمانة فارتكبه دين وقام عن دكانه ولزم بيته مستترا وأقبل على الدعاء والصلاة إلى أن صلى ليلة جمعة صلاة كثيرة ودعا ونام. قال: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي وهو يقول اقصد على ابن عيسى وكان إذ ذاك وزيرا فقد أمرته لك بأربعمائة دينار فخذها وأصلح بها أمرك. قال: وكان على ستمائة دينار، فلما كان من غد قلت: قال النبي صلى الله وسلم: " من رآني في منامه فقد رآني حقا فان الشيطان لا يتمثل بي " فلم لا أقصد الوزير قال: فقصدته فما صرت ببابه منعت من الوصول إليه فجلست إلى أن ضاق صدري وهممت بالانصراف فخرج الشافعي صاحبه وكان يعرفني معرفة ضعيفة، فأخبرته الخبر فقال يا هذا: الوزير والله في طلبك منذ السحر إلى الآن، وقد سألني عنك فأنسيتك وما عرفك أحد والرسل مبثوثة في طلبك فكن بمكانك ورجع ودخل فما كان بأسرع من أن دعا بي فدخلت على على ابن عيسى فقال: ما اسمك؟ فقلت فلان بن فلان. قال من أهل الكرخ؟
قلت: نعم. فقال يا هذا أحسن الله جزاءك في قصدك إياي فوالله ما تهنأت بالعيش منذ البارحة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءني البارحة