اثنين إذ هما في الغار - إلى قوله - والله عزيز حكيم (1)) وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خاف أن تلحقه المشركون حين سار عن مكة دخل الغار هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه فاستخفيا فيه فأرسل الله تعالى عنكبوتا فنسج في الحال على باب الغار، وحمامة عششت وباضت وأفرخت للوقت، فلما انتهى المشركون إلى الغار ورأوا ذلك لم يشكوا أنه غار لم يدخله أحد منذ حين، وإن النبي صلى الله عليه وسلم " وأبا بكر رضي الله عنه لير ان أقدامهم ويسمعان كلامهم، فلما انصرفوا وبعدوا وجاء الليل خرجا فصارا نحو المدينة فورداها سالمين.
وروى أصحاب الحديث أيضا في شرح حال النبي صلى الله عليه وسلم في المحن التي لحقته من المشركين من شق الفرث عليه، ومحاولة أبى جهل، وشيبة وعتبة ابني ربيعة، وأبى سفيان بن حرب، والعاص بن وائل، وعقبة ابن أبي معيط وغيرهم لعنهم الله تعالى قتله وما كانوا يكاشفونه به من السب، والتكذيب، والاستهزاء، والتأنيب ورميهم له صلى الله عليه وسلم بالجنون، وقصدهم إياهم غير دفعة بأنواع الأذى، والفضيحة والافتراء، وحصرهم إياه صلى الله عليه وسلم وجمعهم بني هاشم في الشعب وتخويفهم إياه، وتدبيرهم أن يقتلوه حتى بعد، وبيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مكانه وعلى فراشه ما يطول ذكره واقتصاصه، ويكثر شرحه، ثم أعقبه الله عز وجل من ذلك بالنصر والتمكين، وإعزاز الدين وإظهاره على كل دين، وقمع الجاحدين والمشركين، وقتل أولئك الكفرة المعادين والمعاندين، وغيرهم من المكذبين الكاذبين الذين كانوا عن الحق ناكثين، وبالدين مستهزئين، وللمؤمنين ناصبين متوعدين، وللنبي صلى الله عليه وسلم مكاشفين محاربين، وأذل من بقي منهم بعز الاسلام، بعد أن عاد بإظهاره، وأضمر الكفر في إسراره، فصار من المنافقين الملعونين، والحمد لله رب العالمين.