فلان من أهل بغداد بهذه الكتب فأخرج إضبارة فدخلت وقت العتمة أوائل بغداد فوجدت في الطريق رجلا مقتولا فخرجت ولم أدر أين آخذ فأنا على حالي إذ أدركني الأعوان فظنوني قتلته، والله ما أعرفه ولا رأيته قط، ولا أدرى من هو ولا من قتله. ولا قتلت أحدا قط وقد ضربوني وحبسوني فالله الله في دمى. فقلت قد فرج الله عنك. انطلق حيث شئت ثم أخذت الرجالة ومضيت إلى طاق التك فوجدت الغرف مصفة كما وصف الشيخ فهجمت على الوسطى فإذا رجل سكران عليه سراويل فقط، وفى يده سكين مخضبة بالدم وهو يقول أخ عليك نعم يا سيدي أنا جرحته ابن القحبة، وإن مات فأنا قتلته فأنزلته مكتوفا وبعثت به إلى الحبس وانحدرت إلى الموفق فحدثته الحديث فتعجب منه وتقدم إلى أن اضرب القاتل بالسياط إلى أن يتلف، وأصلبه في موضع جنايته فتشاغلت بذلك إلى أن فرغت ثم جئتك.
حدثني محمد بن علي بن إسحاق قال: خرجت مع أبي وهو يكتب لمحمد بن القاسم الكرخي المكنى بأبي جعفر لما تقلد الموصل والديارات، وكان قد ضم إلى أبى جعفر جماعة من قواد السلطان فلما صرنا بنصيبين كان أبى قد مضى وأنا معه إلى أبى العباس أحمد بن كشمرد مسلما عليه فتحدثا فسمعته يحدثه قال: لما أسرني أبو طاهر القرمطي فيمن أسره بالهبير فحبسني، وأبا الهيجاء، والغمر في ثلاث حجر متقاربة ومكننا من أن نتزاور ونجتمع على الحديث فمكن أبا الهيجاء خاصة واختص به وعمل على إطلاقه وشفعه في أشياء فسألت أبا الهيجاء أن يسأله إطلاقي فوعدني واستدعاه القرمطي. فمضى إليه وعاد إلى حجرته فجئت وسألته هل خاطبه فدافعني فقلت لعلك أنسيت فقال:
لا والله ولوددت أنى ما ذكرتك له إني وجدته متغيظا عليك. فقال والله لأضربن عنقه عند طلوع الشمس في غد، ورحل أبو الهيجاء فورد على أمر عظيم وعدت إلى حجرتي وقد يئست من الحياة فلما كان في الليل رأيت في منامي كأن قائلا يقول لي اكتب في رقعة " بسم الله الرحمن الرحيم من العبد الذليل،