بحسن حال فتغيرت حالتي فرق لي فأتيته فجعلت أشكو إليه سوء حالتي فقال شعرا:
فلا تجزع وإن أعسرت يوما * فقد أيسرت في الدهر الطويل ولا تيأس فإن اليأس كفر * لعل الله يغنى عن قليل ولا تظنن بربك ظن سوء * فإن الله أولى بالحميل قال فخرجت من عنده وأنا أغنى الناس. وفى رواية أخرى زيادة وهي:
فان العسر يتبعه يسار * وقيل الله أصدق كل قيل فلو أن العقول تسوق زرقا * لكان المال عند ذوي العقول وذكر القاضي أبو الحسين في كتابه بالاسناد عن محمد بن موسى بن الفرات قال: كنت أتولى ماء سيدان، وكان صاحب البريد بها علي بن زيد، وكان قديما يكتب للعباس بن المأمون فحدثني: أن العباس غضب عليه وأخذ كل ما كان يملك حتى بقي بسر من رأى لا بملك شيئا إلا برذونه بسرجه ولجامه ومنطقته وطيلسانا وقميصا وشاشية، وانه كان يركب في أول النهار فيلقى من يحتاج إلى لقائه، ثم ينصرف فيبعث برذونه إلى الكراء فيكسب عليه ما يعلفه وما ينفق هو وغلامه عليه. فاتفق في بعض الأيام أن الدابة لم يكسب عليها شيئا فبات هو وغلامه طاويين. قال: ونالنا من الغد مثل ذلك. فقال لي الغلام:
نحن نصبر ولكن الشأن في الدابة إنا نخاف أن تعطب. فقلت يا بنى فنعمل ماذا:؟ ليس إلا السرج واللجام والمنطقة والطيلسان والقلنسوة ومتى بعنا منها شيئا بطلت الحركة وبطل التصرف. قال: فانظر في أمرك. قال فنظرت فإذا فراشي حصير خلق، ومخدتي لبنة أغشيها بخرقة وما أتمسح فيه للصلاة مطهرة خزف فلم أجد شيئا غير منديل ديبقي خلق قد بقي منه الاسم فقلت للغلام بع هذا المنديل واشترى لنا لحما بدرهم واشوه فقد قرمت إليه. فمضى الغلام وأخذ المنديل وبقيت في الدار وحدي وفيها شاهمرج قد جاع، فلم أشعر إلا بعصفور قد سقط في المظهرة التي فيها الماء لظهري عطشا فشرب ونهض إليه الشاهمرج فناهضه فلضعفه قصر عنه، وطار العصفور فوقف الشاهمرج