فأخذ المأمون الرقعة ثم أحضر عمرا بعد خروج محمد فقال: هذه رقعتك؟ فقال نعم. فقال: وهذا المال واجب عليك؟ قال: نعم قال: فخذ رقعتك فقد وهبناه لك قال إذا تفضلت به يا أمير المؤمنين فإنه واجب لو أجزت به على أحمد بن عروة عامل الأهواز وهو مقر به، وأشهدك أنى قد وهبته له. فاغتاظ المأمون وخرج عمرو وقد عرف غيظ المأمون وخطأه فيما عمله فلجأ إلى أحمد بن أبي خالد فأخبره بالخبر وكان يخصه. فقال لا عليك فدخل إلى المأمون فلما رآه قال: ألا نعجب يا أحمد من عمرو وهبنا له ستة آلاف ألف درهم بعد أن تجافينا له عن أضعافها فوهبها بي يدي من أحمد بن عروة كأنه أراد أن يباريني ويصغر معروفي؟ قال أو فعل هذا يا أمير المؤمنين؟! قال نعم. قال لو لم يفعل هذا لوجب أن يسقط حاله. قال وكيف؟ قال لأنه لو استأثر به على أحمد بن عروة وآخذ أحمد بالمال وأداه إليه كان قد أخرجه من معروفك صفرا، ولما كانت نعمتك على عمرو نعمة على أحمد وهما خادمان، وكان الأجمل أن يتضاعف معروفك عندهما فقصد عمرو ذلك فصار المال تفصلا منك على عمرو وعلى أحمد بن عروة. ومع ذلك فأنت سيد عمرو ولا يعرف سيدا غيرك، وعمرو سيد أحمد فاقتدى في أمر أحمد بما فعلته في أمره، وأراد أيضا أن يسير في ملوك الأمم أن خادما من خدمك اتسع قلبه لهبة هذا المال من فضل احسانك إليه فيزيد في جلالة المملكة وجلالة قيمتها فيكسر ذلك الأعداء الذين يكاثرونك. فسرى عن المأمون وزال ما بقلبه على عمرو * وغضب الرشيد على محمد بن الأشعث غضبا شديدا من كلام جرى بينهما فخاف جعفر أن يستفزه الغضب فقال يا أمير المؤمنين: إنما تغضب لله فلا تغضب له بما لم يغضب به لنفسه، فانعطف له الرشيد * أحضر هشام بن عبد الملك إبراهيم بن أبي عيلة الذي تقلد ديوان الحكم لمروان بن محمد فقال له: إنا قد عرفناك صغيرا وخبرناك كبيرا وأريد أن أخلطك بحاشيتي وقد وليتك الخراج بمصر فاخرج إليها، فأبى إبراهيم وقال ليس الخراج من عملي ولا لي بصر به. فغضب هشام عليه غضبا شديدا حتى خاف إبراهيم بادرته فقال يا أمير المؤمنين: تأذن لي في الكلام؟ قال: قل، قال: يقول الله عز وجل: (انا
(٨٨)