الباب الثالث من بشر بالفرج فنجا من محنة بقول أو دعاء أو ابتهال أخبرني الصولي قال: حدثنا البر القاضي قال: رأيت امرأة بالبادية وقد جاء البرد فذهب بزرع لها فجاء الناس يعزونها، فرفعت رأسها إلى السماء وقالت: " اللهم أنت المأمول لأحسن الخلف، وبيدك العوض عما تلف، فافعل ما أنت أهله، فان أرزاقنا عليك، وآمالنا منصرفة إليك " قال: فلم أبرح حتى مر رجل من الاجلاء فحدث بما كان لها فوهب لها خمسمائة دينار.
حدثني أبي في المذاكرة من لفظه وحفظه ولم أكتبه عنه في الحال وعلق بحفظي والمعنى واحد ولعل اللفظ يزيد أو ينقص، عن أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن حمدون نديم المعتضد بالله قال: حدثني أبي عن المعتضد أنه قال: لما سعى إسماعيل بن بلبل بيني وبين أبى الموفق فأوحشه منى حتى حبسني الحبسة المشهورة، وكنت أتخوف القتل صباحا ومساء ولا آمن أن يرفع عنى إسماعيل ما يزيد في غيظ الموفق على فيأمر بقتلى، فكنت كذلك حتى خرج الموفق إلى الجند فازداد خوفي، وأشفقت أن يكاتبه إسماعيل عنى بكذب يجعل غيبته طريقا إليه ويأمر بقتلى، فأقبلت على الدعاء والتضرع إلى الله تعالى والابتهال في تخليصي، وكان إسماعيل يجيئني في كل يوم مراعيا خبري ويوريني أن ذلك خدمة لي، فدخل إلى يوما وبيدي المصحف وأنا أقرأ فتركته وأخذت أحادثه. فقال أيها الأمير: اعطني المصحف لآخذ فألك منه، فلم أجيه بشئ فأخذ المصحف ففتحه وكان في أول سطر منه: (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون (1) فاسود وجهه واربد، ثم خلط الورق ففتح المصحف ثانية فخرج: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين (2) فازداد ولها