أي والله يا سيدي خمنت أنه كتب بمكروه، ونام عتاب قبل أن يوصل الكتاب، فأمرت من سرق منه الكتاب، وقد أعددت نصف المال والساعة أحمله إلى بيت المال الخاصة، وأحمل النصف الباقي بعد خمسة أيام وأقبل يتضرع فأنفذ المتوكل معه من يقبض المال وانصرف وقد رضى عنه * ذكر المدايني في كتابه قال أرسل زياد إلى رجل من بنى تميم من قعدة الخوارج فاستدعاه، فجاءه خائفا فقال له زياد: ما يمنعك من إتياني؟ قال قدمت علينا وقلت لا أعدكم خيرا ولا شرا إلا وفيت به وأنجزته وقلت من كف لسانه ويده لم أتعرض له فكففت لساني ويدى، وجلست في بيتي فأمر له بصلة وخرج والناس لا يشكون أنه قتيل فقالوا له: ما قال لك الأمير؟ فقال ما كلكم أستطيع أن أخبره بما كان عندنا ولكني وصلت إلى رجل لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا فرزق الله تعالى فيه خيرا * أخبرني أبو الفرج الأصفهاني بإسناده أن المأمون أقام بعد قدومه إلى بغداد عشرين شهرا، لم يسمع حرفا من الأغاني، ثم كان أول من تغنى بحضرته أخوه أبو عيسى بن الرشيد، ثم واظبه على السماع مستترا متشبها بالرشيد في أول أمره فأقام المأمون كذلك أربع حجج ثم ظهر للندماء والمغنين وكان حين أحب السماع سأل عنى فخرجت بحضرته فقال الطاعن على ما يقول أمير المؤمنين في رجل يتيه على الخلفاء ما أبقى هذا من التيه شيئا إلا استعمله، فأمسك عن ذكرى وجفاني من كان يصلني، لسوء رأيه الذي ظن في، فأضر ذلك بي حتى جاءني علوية يوما فقال: أتأذن لي في ذكرك فانا قد دعينا اليوم. فقلت: لا ولكن غنه بهذا الشعر فإنه سيبعثه على أن يسألك لمن هو ذا؟ فإذا سألك لمن هو انفتح لك ما تريده فكان الجواب أسهل عيك من الابتداء قال: هات فألقيت عليه لحني في شعري:
يا سرحة الماء قد سدت موارده * أما إليك طريق غير مسدود لحائم حام حتى لا حيام له * مخلاءة عن طريق الماء مطرود قال أبو الفرج: والغناء فيه لا سحق الموصلي رمل بالوسطى * رجع