ثم اندفع يغنينا فكان والله أحسن غناء. فلما طابت نفس جعفر بن يحيى وسرى عنه ما كان فيه التفت إليه وقال له: ارفع حوائجك؟ فقال له:
ليس هذا موضع حوائج. قال لتفعلن، ولم يزل يلح عليه حتى قال أمير المؤمنين على واجد كما علمت فأحب أن يرضى عنى. قال أمير المؤمنين قد رضى عنك. فهات حوائجك: قال: هذه حاجتي، قال ارفع حوائجك كما أقول لك؟ قال: على دين فادح. قال كم مبلغه؟ قال أربعة آلاف ألف درهم. قال هذه أربعة آلاف ألف درهم. فإن أحببت أن تقبضها منى فاقبضها في منزلي الساعة فإنه لم يمنعني من إعطائك إياها إلا أن قدرك يجلك عندي من أن يصلك مثلي ولكني ضامن لها حتى تحمل إليك من مال أمير المؤمنين غدا. فسل أيضا:
فقال ابني تكلم أمير المؤمنين حتى ينوه باسمه. قال: قد ولاه أمير المؤمنين مصرا وزوجه الغالية ابنته ومهرها عنه الفي ألف درهم من ماله. قال إسحاق:
فقلت في نفسي قد سكر الرجل أعني جعفرا فلما أصبحت حضرت دار الرشيد فإذا جعفر بن يحيى البرمكي ووجدت في دار الرشيد جلبة فإذا أبو يوسف القاضي رحمه الله تعالى ونظراؤه وقد دعى بهم، ثم دعى بعبد الملك بن صالح وابنه فدخلا على الرشيد فقال الرشيد لعبد الملك: إن أمير المؤمنين قد كان واجدا عليك وقد رضى عنك، وأمر لك بأربعة آلاف ألف درهم فاقبضها من جعفر بن يحيى الساعة، ثم دعا بابنه فقال اشهدوا أنى قد زوجته الغالية بنت أمير المؤمنين ومهرتها عنه من مالي الفي درهم ووليته مصرا، فلما خرج جعفر سألته عن الخبر فقال: بكرت إلى أمير المؤمنين فحكيت له جميع ما كنا فيه وما كان منا حرفا بحرف ووصفت له دخول عبد الملك وما كان منه فعجب ثم سر به ثم قال لي وقد ضمنت له على أمير المؤمنين ضمانا فأوف بضمانك، فأمر بإحضاره فكان ما رأيت.
أخبرني أبو الفرج الأصفهاني قال: جرى بين محمد الأمين وبين إبراهيم ابن المهدى كلام وهما على مسرة فنفر الأمين لذلك ووجد على إبراهيم وبانت لإبراهيم الوحشة منه فانصرف إلى منزله فأمر بحجابه عنه، وبلغ ذلك