يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك النسخ. فسكت طويلا ثم رفع رأسه وقال:
أنت عندي يا أبا عبد الله البرى الساحة، السليم الناحية، القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما يجزى به ذوو الأرحام عن أرحامهم، ثم تناول يده فأجلسه على مفرشه ثم قال: يا غلام علي بالمنفخ. والمنفح مدهن كبير فيه غالية فأتى به فغلغه بيده حتى خلت لحيته قاطرة ثم قال: في حفظ الله وكلاءته. يا ربيع: الحق أعط أبا عبد الله جائزته وكسوته وانصرف.
فلحقته فقلت: إني قد رأيت ما لم ير، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت، وقد رأيتك تحرك شفتيك فما الذي قلت؟ فقال: نعم. إنك رجل منا أهل البيت، ولك محبة وود، قلت: " اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بكنفك الذي لا يرام، وارحمني بقدرتك على، لا أهلك وأنت رجائي يا رب، كم من نعمة أنعمت بها على، قل لك عندها شكري فلم تحرمني، فيا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني، يا ذا المعروف الذي لا ينقضى أبدا، ويا ذا النعم التي لا تحصى عددا، أسألك أن تصلى على محمد وعلى آل محمد، بك أدرأ في نحره، وأعوذ بك من شره، اللهم أعنى على ديني بدنياي، وعلى آخرتي بالتقوى، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته، يا من لا تضره الذنوب، ولا تنقصه المغفرة اغفر لي مالا يضرك، وأعطني ما لا ينفعك، إنك أنت الوهاب، أسألك فرجا قريبا، وصبرا جميلا، ورزقا واسعا، والعافية من جميع البلايا وشكر العافية ".
وذكر محمد بن عبدوس في " كتاب الوزراء " أن موسى الهادي سخط على بعض كتابه ولم يسمه فجعل يقرعه بذنوبه ويتهدده ويتوعده فقال له الرجل يا أمير المؤمنين: ان اعتذاري فيما تقر عنى به رد عليك، وإقراري بما بلغك يوجب ذنبا على لم أجنه لكنني أقول شعرا:
إذا كنت ترجو في العقاب تشفيا * فلا تزهدن عند التجاوز في الاجر فصفح عنه وأمر بترك التعرض له وأحسن إليه حدثني علي بن هشام ابن عبيد الله الكاتب، عن أبي عبد الله بن يحيى الكاتب قال: لما نكب