فلا خير في الدنيا ولا في نعيمها * إذا شمال فارقتها يمينها قال هذا حد من حدود الله تعالى ولابد من إقامته عليك، فقامت أمه وكانت عجوزا كبيرة السن فقالت يا أمير المؤمنين: كادي وكاسبي وابني وواحدي فهبه لي. فقال لها بئس الكاد والابن والواحد هو لابد من إقامة حد الله فقالت يا أمير المؤمنين: فاجعله بعض ذنوبك التي تستغفر الله تعالى منها. قال خلوه وأطلقه * أخبرني الفضل بن الربيع قال: رأيت مروان بن أبي حفصة وقد دخل على المهدى بعد وفاة معن بن زائدة في جماعة من الشعراء فيهم سلم الحاسر وغيره فأنشده مديحا فقال له: من أنت؟ فقال له: شاعرك يا أمير المؤمنين وعبدك مروان بن أبي حفصة فقال له المهدى ألست القائل:
أقمنا بالمدينة بعد معن * مقاما لا نريد به زوالا وقلنا أين نرحل بعد معن * وقد ذهب النوال فلا نوال قد ذهب النوال كما زعمت فلم جئت تطلب نوالنا؟! جروا برجله فجروا رجله حتى أخرج، فلما كان في العام المقبل تلطف حتى أدخل مع الشعراء وإنما كانت الشعراء تدخل على الخلفاء في كل عام مرة فمثل بين يديه وأنشده بعد رابع أو خامس شعرا:
طرقتك زائرة فحى خيالها * بيضاء تخلط بالحياء دلالها نادت فؤادك فاستقاد ومثلها * قاد القلوب إلى الضنا فأمالها قال فأنصت له حتى بلغ إلى قوله:
هل تطمسون من السماء نجومها * بأكفكم أو تسترون هلالها أو تجحدون مقالة عن ربه * جبريل بلغها النبي فقالها شهدت من الأنفال آخر آية * بتراثيم فأردتم أبطالها قال: فرأت المهدى قد زحف من صدر مصلاه حتى صار على البساط إعجابا بما سمع ثم قال: كم هي؟ قال: مائة بيت فأمر له بمائة آلف درهم فكانت أول مائة ألف أعطيها شاعر في أيام بنى العباس.
أخبرني أبو الفرج الأصفهاني عن الحسن بن علي قال حدثني محمد بن القاسم