أخبرني أبو بكر محمد بن يحيى الصولي عن أحمد بن يزيد المهلبي قال: كنا ليلة ين يدي المعتمد فحمل عليه النبيذ فجعل يخفق برأسه نعاسا فقال:
لا يبرحن أحد ثم نام مقدار نصف ساعة وانتبه، وكأنه ما شرب شيئا. فقال:
أحضروا لي من الحبس رجلا يعرف بمنصور الجمال. فأحضر فقال له منذ كم أنت محبوس؟. فقال منذ ثلاث سنين. قال: فأصدقني عن خبرك؟ قال أنا رجل من أهل الموصل كان لي جمل أعمل عليه وأعود بكرائه على أهلي فضاق الكسب على بالموصل، فقلت أخرج إلى سر من رأى فان العمل ثم أكثر فخرجت فلما قربت منها إذا جماعة من الجنة قد ظفروا بقوم يقطعون الطريق وكتب صاحب البريد بعددهم وكانوا عشرة فأعطاهم واحد من العشرة مالا على أن يطلقوه فأطلقوه وأخذوني مكانه وأخذوا جملي فسألتهم بالله عز وجل وعرفتهم خبري فأبوا ثم حبسوني فمات بعض القوم وأطلق بعضهم وبقيت وحدي. فقال المعتمد: أحضروني خمسمائة دينار فجاؤوا بها. فقال: ادفعوها إليه وأجرى عليه ثلاثين دينارا في كل شهر وقال اجعلوا أمر جمالنا إليه.
ثم أقبل علينا فقال: رأيت الساعة النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال:
" يا أحمد وجه الساعة إلى الحبس واخرج منصورا الجمال فإنه مظلوم وأحسن إليه " ففعلت ما رأيتم قال: ثم نام من وقته وانصرفنا * ووقع إلى هذا الخبر بطريق آخر بأتم من هذه الرواية بإسناد غير هذا قال: كان المعتمد مع مع سماحة أخلاقه وكثرة جوده شديدا لعربدة على ندمائه إذا سكر لا يكاد يسلم له من العربدة مجلس إلا قل. قال: فاشتهى يوما أن يطبخ الأترج فجمع له شئ كثير مفرط العدة وعبى وخزم بعضه فاطبخ عليه فما ترك شيئا من الخلع والخملانات والصلات إلا عمله ذلك اليوم مع جلسائه وخصني منه بأوفر نصيب وكان كثير الشرب وكانت علامته إذا أراد ينهض جلساؤه التفت إلى سرير لطيف كان إذا جلس استند إليه ويشيل برجله كأنه يريد أن يصعد فيقوموا فإن كان يريد النوم صعده وإن لم يرد النوم رد رجله إذا قمنا ويتم شربه إما مع الحرم أو الخدم، فلما كان ذلك اليوم جلسنا بحضرته نهارنا أجمع وقطعة من الليل ثم شال رجله فقمنا وانصرفت إلى حجرة