إبراهيم فبعث إلى الأمين بالطاف ورقعة يسأل فيها صرف غضبه فرد الأمين الهدية ولم يجب على الرقعة. فوجه إبراهيم إليه وصيفة مليحة مغنية كان قد رباها وعلمها وبعث معها عودا معمولا من العود الهندي، مكللا بالجوهر وألبسها حلة منسوجة بالقصب وقال أبياتا وغنى فيها وألقاها عليها، حتى أخذت الصوت، وأحكمت الصنعة فيه فوقفت الجارية بين يدي أمير المؤمنين وقالت له: عمك يا أمير المؤمنين يقول لك واندفعت تغنى شعرا:
هتكت الضمير برد اللطف * وكشفت هجرك لي فانكشف فان كنت تحقد شيئا جرى * فهب للعمومة ما قد سلف وجد لي بصفحك عن زلتي * فبالفضل يأخذ أهل الشرف فقال لها الأمين: أحسنت يا صبية فما اسمك؟ قالت: هدية قال: أفأنت كاسمك أم أنت عارية؟ قالت: أنا كاسمى وبه سماني لما أهداني إلى أمير المؤمنين، فسر بها الأمين وبعث إلى إبراهيم بن المهدى فأحضره ورضى عنه وأمر له بخمسين ألف دينار وقف أحمد بن عروة بين يدي أمير المؤمنين المأمون لما عزله عن الأهواز فقال له: خربت البلاد، وقتلت العباد، والله لأفعلن بك ولأفعلن. فقال يا أمير المؤمنين ما تحب أن يفعل الله بك إذا وقفت بين يديه وقد قرعك بذنوبك. قال: العفو والصفح. قال: فافعل بعبدك ما تحب أن يفعل بك مولاك. قال قد فعلت ارجع إلى عملك، فوال مستعطف خير من وال مستأنف، وروى أنه جنى غلام للحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين جناية توجب العقاب فأمر به أن يضرب فقال يا مولاي (والكاظمين الغيظ) قال خلوا عنه. فال يا مولاي: (والعافين عن الناس) قال: قد عفوت عنك. قال يا مولاي (والله يحب المحسنين) قال أنت حر لوجه الله تعالى ذلك ضعف ما كنت أعطيك * قال الأصمعي أتى عبد الملك بن مروان برجل قامت عليه البينة بسرقة فأمر بقطع يده فقال الرجل يدي يا أمير المؤمنين أعيذها * بعفوك من عار على يشينها