إياه عتبت تبارك وتعالى اسمه وثناؤه. فقال أبو جعفر يا ربيع: أما ترى هذ التخلص.
أخبرني أبو الفرج الأصفهاني عن محمد بن أبي الأزهر قال: كنت بين يدي المأمون واقفا فادخل عليه ابن البواب الحاجب رقعة فيها أبيات شعر وقال: إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في إنشادها. فظنها له فقال: هات فأنشده:
أجرني فانى قد ظلمات إلى الوعد * متى ينجز الوعد المؤكد بالعهد أعيذك من خلف الملوك وقد ترى * تقطع أنفاسي عليك من الوجد رأى الله عبد الله خير عباده * فملكه والله أعلم بالعبد ألا إنما المأمون للناس بهجة * مميزة بين الضلالة والرشد فقال المأمون: أحسنت يا عبد الله. فقال يا أمير المؤمنين: بل أحسن قائلها.
قال: ومن هو؟ قال: عبدك الحسين بن الضحاك. فغضب ثم قال لا خير ولا حيا الله من ذكرت ولا بياه، ولا قربه ولا أنعم به عينا. أليس هو القائل شعرا:
أعيني جودا وابكيا لي محمدا * ولا تدخرا دمعا عليه وأسعدا فلا تمت الأشياء بعد محمد * ولا زال شمل الملك فيه مبددا ولا فرح المأمون بالملك بعده * ولا زال في الدنيا طريدا مشردا هذا بذاك ولا شئ له عندنا. فقال له ابن البواب: فأين فضل أمير المؤمنين وسعة حلمه وعادته في العفو. فأمر بإحضاره، فلما حضر سلم عليه فرد عليه ردا خافتا، ثم أقبل عليه فقال أخبرني: هل عرفت يوم قتل أخي محمد رحمه الله هاشمية قتلت أو هتكت؟ قال: لا. قال: فما معنى قولك:
ومما شجى قلبي وكفكف عبرتي * محارم من آل النبي استحلت ومهتوكة بالجلد عنها سجوفها * كعاب كقرن الشمس حين تبدت إذا حفزتها روعة من منازع * لها المرط عادت بالخضوع وذلت وسرب ظباء من ذؤابة هاشم * هتفن بدعوى خير حي وميت أرد يدا منى إذا ما ذكرته * على كبد حرا وقلب مفتت فلا بات ليل الشامتين بغبطة * ولا بلغت آمالها ما تمنت