المتعطلين، وكان ببابي شيخ من شيوخ الكتاب قد طالت عطلته وقد غفلت عن تصريفه فرأيت ليلة في منامي أبى وكأنه يقول: ويحك يا بنى أما تستحى من الله عز وجل أن تتشاغل بأعمالك والناس ببابك يتلفون ضرا وهزالا هذا فلان من شيوخ الكتاب، وقد أفضى أمره إلى أن تقطع سراويله وما يمكنه أن يشترى بدلها انظر أن لا تغفل أمره أكثر من هذا. فانتبهت متعجبا واعتقدت الاحسان إلى الشيخ من غد ونمت وأصبحت وقد أنسيت أمره فركبت إلى دار خمارويه وإذا بالرجل على دويبة له ضعيفة ثم أومى إلى الترجل فانكشف فإذا هو لابس خفا بال سروايل فحين وقعت عيني عليه ذكرت المنام وقامت قيامتي فوقفت في موضعي واستدعيته وقلت يا هذا:
ما حالك؟ وما صنعت بنفسك في ترك أذكاري أمرك ما كان في الدنيا من يوصل إلى رقعة أو يخاطب في أمرك الآن قد قلدتك الناحية الفلانية وعينت لك رزقها وهو في كل شهر مائتا دينار وأطلقت لك من خزانتي ألف دينار معونة وأمرت لك من الثياب والحملان بكذا وكذا فاقبض ذلك واخرج فان حسن أثرك في عملك زدتك وفعلت بك وصنعت. قال: وضممت إليه من ينجز له ذلك.
حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن البهلول التنوخي قال:
خرج أخي أبو محمد الحسن بن يوسف يقصد أخاه أبا يعقوب إسحاق بن يوسف وهو حينئذ بمصر ومعه زوجة كانت لأبي يعقوب ببغداد وصبية منها فلما عاد حدثني أنه سلك في قافلة كبيرة من هيت على طريق السماوة يريد دمشق قال: فلما حصلت في أعماق السماوة أخفرتنا خفراؤنا وجاء قوم من الاعراب ظاهروهم علينا وأظهروا أنهم من غيرهم وقطعوا علينا واستاقوا ركابنا وبقيت أنا والناس مطروحين على الماء الذي كنا نزلنا عليه بلا جمل ولا زاد فأيسنا من الحياة فقلت للناس: إن الموت لابد منه على كل حال أقمنا في مكائنا أو سرنا، ولان نسير في طلب الخلاص فلعل الله سبحانه وتعالى يرحمنا ويخلصنا أولى من أن نموت ها هنا، وإن متنا في سيرنا كان أعذر فساعدوني وسرنا يومنا وليلتنا وأنا أحمل الصبية بنت أخي لان أمها عجزت