أصناف الثياب الفاخرة، وأمر خازنه بإحضار خمس بدر دراهم فأحضر الجميع فوضع على الدكان الذي كان جالسا عليه بباب الحصن ثم قال: كم مدة تأخرك عنا إلى أن تحلق بنا فنزلت فقام ليركب فبادرت إلى يده لأقبلها فمنعني وركب وسار وتبعه العسكر فما نزل منهم واحد، وخرجت السوداء فنقلت تلك الثياب والبدر، وأخذ الغلمان الكراع وما لقيت عبد الله بعدها. قال عيسى بن فرحا نشاه: أقمت عند محمد بن يزيد يومى وليلتي فأضافني أحسن ضيافة وكانت مذاكرته لي بذلك أحب إلى من كل شئ فأسقطت عنه جميع خراجه في تلك السنة وانصرفت.
حدثني عبد الله بن أحمد بن ذاسة المصري قال: سمعت أن بعض الجند اغتصب امرأة على نفسها من الطريق فعرض الجيران ليمنعوه فضربهم هو وغلمانه حتى تفرقوا وأدخل المرأة داره وقال: أغلقوا الباب. فأغلقوا الباب وراودها عن نفسها فامتنعت فأكرهها ولحقها منه شدة حتى جلس منها مجلس الرجل من المرأة فقالت له يا هذا: اصبر حتى يغلق باب قد بقي عليك. قال أي باب؟ قالت الباب الذي بينك وبين الله. فقام وقال: قد فرج الله عنك انصرفي لا أتعرض لك أبدا * وجدت في بعض الكتب أن الجاحظ أنفذ إلى أحمد بن أبي دؤاد بعد نكبة محمد بن عبد الملك الزيات مقيدا في قميص رث فأوقف بين يديه ليأمر فيه بأمره فقال له ابن أبي دؤاد: والله يا عمرو ما علمتك إلا سبابا للنعمة، جاحدا للصنيعة، معددا للمثالب، مخفيا للمناقب وان الأيام لا تصلح مثلك. لفساد طويتك، وسوء اختيارك. فقال الجاحظ: خفض عليك فوالله لان تكون المنة لك على خير من أن تكون لي عليك، ولان أسئ وتحسن أحسن في الأحدوثة عنك، ولان تعفو في حال قدرتك أجمل بك من أن تنتقم. فقال لي ابن أبي دؤاد ما علمتك الا كثير رونق اللسان، قد جعلت ثيابك أمام قلبك، ثم اصطفيت فيه النفاق. أعزب قبحك الله.
فانهض في قيوده ثم قال يا غلام: الحقه وخذ قيوده وصر به إلى الحمام واحمل إليه خلعة يلبسها، واحمله إلى منزل يأوى به بفرش وفراش وآلة وقماش، ويزاح فيه علله وادفع إليه عشرة آلاف درهم لنفقته إلى أن يصح من علته.