قول أعدائه، وقطعت عنه ما كنت تبره به؟! لا تفعل واقصده بما فاته ولا تقطعه عنه ما استطعت. قال: فانتبهت فزعا ونويت ذلك وأخذت صرة فجعلت فيها ستمائة دينار وحملتها معي فلما صرت بالمدينة بدأت بدار طاهر فدخلت وجلست ومجلسه حافل، فلما رآني قال يا أبا فلان: لو لم يبعث بك إلينا ما جئت فتغافلت عنه، وقلت: ما معنى هذا الكلام أصلحك الله؟ قال قبلت في قول عدو الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وعدوى، وقطعت عادتك حتى لامك رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامك، وأمرك أن تعطيني الستمائة دينار هاتها، ومد يده إلى فتداخلني من الدهش ما ذهلت معه. فقلت:
أصلحك الله هكذا والله كانت القضية فما علمك بذلك؟ قال: إنه بلغني خبر دخولك المدينة في السنة الأولى فلما خرج الحاج ولم تجئني أثر ذلك في حالي. وسألت عن القضية فعرفت أن بعض أعدائنا لقيك فسبني عندك فألمني ذلك. فلما كان في الحول الثاني بلغني دخولك وأنك قد عملت على قوله في فازداد بذلك غمي، فلما كان منذ شهور ازدادت إضاقتي وامتنع النوم على غما بما دفعت إليه ففزعت إلى الصلاة فصليت ما قضى لي ودعوت الله سبحانه وتعالى بالفرج مما أنا فيه، ونمت في المحراب، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي وهو يقول: لا تغتم فقد لقيت فلانا الخراساني وعاتبته على قبوله فيك قول أعدائك، وأمرته أن يحمل إليك ما فاتك لسنتين، ولا يقطع عنك بعدها ما استطاع. فحمدت الله عز وجل وشكرته فلما رأيتك الآن علمت أن المنام جاء بك. فأخرجت الصرة التي فيها ستمائة دينار فدفعتها إليه وقبلت رأسه وبين عينيه وسألته أن يجعلني في حل من قبول قول ذلك الرجل فيه.
حدثني أبو محمد يحيى بن محمد بن سليمان بن فهد الأزدي الموصلي قال:
كانت في شارع دار الرقيق ببغداد جارية علوية أقامت مزمنة نحو خمس عشرة سنة وكان أبى أيام نزولنا من هذا الشارع في دار شفيع المقتدري التي كان اشتراها يتفقدها ويبرها، وكانت مسجاة لا تنقلب من جنب إلى جنب حتى تقلب، ولا تقعد حتى تقعد، وكان لها من يخدمها في ذلك وكانت فقيرة