أخبرني أبو الفرج القرشي المعروف بالأصفهاني قال: قد ذكر ابن الكلبي عن أبيه قال: خرج قيس بن قيسبة بن كلثوم السكوني وكان ملكا يريد الحج وكانت العرب تحج في الجاهلية ولا يتعرض بعضها لبعض فمر ببنى عامر ابن عقيل فوثبوا عليه وأسروه وأخذوا ماله وما كان معه وألقوه في الغل فمكث فيه ثلاث سنين وشاع في اليمن أن الجن استطارته. فبينما هو في يوم شديد البرد في بيت عجوز منهم وقد يئس من الفرج إذ قال لها:
أتأذنين لي أن آتي الأكمة فأتشرق عليها فقد أضرني القر؟. فقالت له:
نعم. وكانت عليه جبة صوف لم يترك عليه غيرها فتمشى في أغلاله وقيوده حتى صعد الأكمة ثم أقبل يضرب ببصره نحو اليمين وتغشاه عبرة فبكى ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: " اللهم فاطر السماء فرج لي مما أصبحت فيه ".
فبينما هو كذلك إذ عرض عليه راكب يسير فأشار إليه أن أقبل فأقبل الراكب فلما وقف عليه قال له ما حاجتك يا هذا؟ قال: أين تريد؟ قال:
أريد اليمن. قال: ومن أنت؟ قال: أبو الطمحان العيني. فاستعبر ابن قيسبة فقال له أبو الطمحان: من أنت:؟ فإني أرى عليك سيما الخير ولباس الملوك، ولست بدار فيها ملك. فقال: أنا ابن قيسبة بن كلثوم السكوني خرجت عام كذا وكذا أريد الحج فوثب على هذا الحي وصنعوا بي ما ترى وكشف عن أغلاله وقيوده. فاستعبر له أبو الطمحان. فقال له قيسبة: هل هل لك من مائة ناقة حمراء؟ قال ما أحوجني إلى ذلك. قال أنخ. فأناخ ثم قال له أمعك سكين؟ قال: نعم. قال: ارفع عن رجلك. فرفع له عن رجله حتى بدت خشبة مؤخرة فكتب عليها قيسبة بالمسند ولم يكتب به غير أهل اليمن.
بلغن كندة الملوك جميعا * حيث سارت بالأكرمين الجمال إن ردوا الخيل بالخميس عجالا * وأصدروا عنه والروايا ثقال هربت جارتي وقالت عجيبا * إن رأتني في جيدي الأغلال أن يرى عارى العظام أسيرا * قد يراني تضعضع واختبال فلقد أقدم الكتيبة بالسيف * على السلاح والسربال